انتهت في الرياض فعاليات المعرض والمؤتمر الدولي الثالث للتعليم العالي 2012 الذي نظمته وزارة التعليم العالي. ولفت نظري حديث ورؤى عدد من خبراء ومسؤولي التعليم العالي من خارج المملكة.
منذ أربعة أشهر كتبت مقالة بعنوان "بناء الحجر يختلف عن بناء البشر"، تحدثت فيها عن السهولة النسبية لبناء المباني والتجهيزات لطلاب الجامعات مقارنة بالصعوبة التي تكتنفها عملية تكوين الخريج السعودي الذي يدعم بشكل فعال عملية التنمية.
عملية توافق مخرجات التعليم العالي مع متطلبات التنمية قضية كبيرة لا يمكن للجامعات أن تتنصل منها. لا يمكن أن نجد أي وزارة أو جهة حكومية لديها الكم الهائل من الخبرات وفي مختلف التخصصات وتحت سقف واحد إلا في الجامعات. إذا صلحت الجامعات صلح باقي الأمور.
الجامعات اليوم ورشة عمل جادة لا تتوقف نحو الأفضل بإذن الله، وخاصة مع السعي للاعتماد الأكاديمي، رغم ما يشوب هذه العملية من محبطات بين الفينة والأخرى. التعليم في الجامعات السعودية – في نظري – قد بدأ طريقا شاقة وطويلة نحو تطبيق أفضل التصورات الممكنة لطرق ووسائل التعليم المبتكرة والقادرة على مواكبة الاقتصاد المعرفي من جهة وتحقيق متطلبات السوق السعودي من جهة أخرى.
هذه البداية الطيبة تحتاج اليوم إلى مزيد من الدفعات لإيجاد الآليات التي تضمن تزويد الطالب بمهارات شخصية وقدرة على طرح المبادرات الملائمة لتطوير واقع التعليم الجامعي، وأيضا خلق بيئة نشطة يتقن فيها الطالب ممارسة البحث العلمي الهادف لزيادة التراكم المعرفي المحلي. التراكم المعرفي العالمي ضخم، لكننا بحاجة إلى تنقيته وتعزيز قيمنا نحن في هذه المعرفة، لتسهم في تطوير التصورات عما ينفعنا محليا. هذه البداية أيضا تحتاج إلى الأستاذ الذي يدرك أن دوره وجد ليساند هذا الطالب في تحصيله للعلم والمهارات. أستاذ اليوم ما زال يعيش بين عصرين ويحتاج إلى تأكيد الانتماء للعصر الحالي المسلح بالتكنولوجيا.
اليوم نعيش تطورا هائلا يحتوي على الكثير من الفرص والتحديات. التكنولوجيا الحديثة والاتصالات والإنترنت والإعلام الاجتماعي لو نظرنا إليها كفرص لاستطعنا استغلالها بشكل أفضل في خدمة التعليم الجامعي. وإذا نظرنا إليها كعقبات فستكون عبئا علينا قد يكسر ظهورنا مستقبلا.
مازال الإنترنت والإعلام الاجتماعي يساهمان بشكل كبير في تشكيل واقع أجيالنا الجديدة. طلاب اليوم غير طلاب الأمس بوجود هذه الفرص والتحديات. الفرص كبيرة والإمكانات التي بحوزتنا ضخمة وما علينا إلا استغلال وتوظيف كل ما هو موجود لمصلحة هذا الخريج الجامعي. هذا الخريج هو الذي يفترض فيه أن يقوم بتسيير أعمالنا ويحقق طموحتنا، وأيضا هو من يفترض أن يحمل همومنا. وأقل ما يمكن أن نقوم به هو إعداده الإعداد الجيد الذي يجعله قادرا على حملنا بعد أن يتخرج. جامعات اليوم أمام مسؤولية تاريخية، وما نشاهده اليوم داخل جامعاتنا من حركة دؤوبة ونشطة يستحق التقدير ويجعلني أتفاءل بمستقبل مشرق لبلادنا.