ما زالت ذاكرة عاشق بن عيسى الهذال تحتفظ بالأيام الجميلة والقاسية التي بذل فيها جهدا لتشكيل واقع أجمل للثقافة في حائل. خلال خمس سنوات قضاها في إدارة فرع الجمعية السعودية للثقافة والفنون بحائل بدأت من عام 1414، وضع الهذال لمساته على الساحة الثقافية الحائلية، وترك خلفه ذكريات يحفظها جيل جلس لأول مرة يتفرج مسرحية عرضتها الجمعية عام 1418 للفنانين ناصر القصبي وراشد الشمراني في المركز الثقافي بحائل، ولم يكن يعلم أحد حينها أنها ستكون المسرحية الأخيرة لنجوم حصرتهم الشاشة فيما بعد.

عام 1419 طلب الهذال إعفاءه من إدارة فرع الجمعية، تاركا خلفه تاريخا ثقافيا حافلا بالنجاح، لكنه لم يُكتب بعد.

تنقل الهذال بين محطات كثيرة، ففي حائل حيث ولد عام 1355هـ كانت البدايات، ثم انتقل لمكة المكرمة ليدرس في معهد المعلمين الذي تخرج فيه عام 1375.

عمل مدرسا ومديرا في عدد من مدارس الطائف، وانتقل للرياض مستمرا في وزارة المعارف آنذاك، يقول: حينما كنت في الغربية نشرت بعض المقالات الصحفية في جريدتي "الندوة" و"حراء"، وعندما انتقلت للرياض عام 1388هـ تعودت الكتابة في جريدتي الرياض والجزيرة، ومجلتي "اليمامة" و"اقرأ".

يضيف الهذال: عدت لحائل عام 1400 وتمنيت لو طالت فترة عملي في المكتبة العامة بحائل التي لم أمض فيها سوى شهر، ونقلت لإدارة العلاقات العامة في إدارة تعليم حائل لعام 1409، ثم مديرا للشؤون الإدارية بكلية إعداد المعلمين بحائل إلى أن تقاعدت في 1415 هـ، وخلال تنقلي كانت مكتبتي تتنقل معي لأكثر من 50 عاما.

شغل الهذال بالمعاناة الإنسانية، فأصدر خمس مجموعات قصصية تحاكي واقع المجتمع، وترصد تلك المعاناة عبر شخصيات قصصه، فجاءت محملة بما هي عليه في واقعها في عام 1393هـ مجموعته "العصامي"، وفي 1397هـ "عرس في المستشفى"، وتلتها "دلال الحمير" في 1400هـ، و"الكلب والحضارة" في 1403هـ، ثم "الفرسان والفارس" في 1405، واختار أن تكون محطته الأخيرة في التأليف عبر سلسلة "هذه بلادنا" التي كتب إصدارها رقم 54 عن مدينة جبة القابعة خلف رمال النفود الكبير.

عاش الهذال الفترة التي أنشئ فيها فرع جمعية الثقافة والفنون بحائل، فكان أول مدير للفرع، يقول: واجهت صعوبة في العمل بالجمعية في ظل ضعف الإمكانات المادية، وكانت موافقة الجمعية على إنشاء فرع لها بحائل مشروطة بأن لا نطلب مبنى للفرع وأن نتولى نحن مهمة البحث عن مقر، وتكفلت البلدية آنذاك بثلاث غرف في المركز الثقافي، ثم تبرع رجل الأعمال علي الجميعة بـ100 ألف ريال لاستئجار مبنى للجمعية لمدة أربع سنوات.

يتذكرالهذال الصرعات التي عايشها مسترجعا: كانت أكبر الصراعات مع إحدى وسائل الإعلام، ولم يكن مراسلوها يعرفون حجم المعاناة التي كنا نعانيها ويجهلون ظروف الجمعية المادية، وواجهنا النقد السلبي، وكان عدد من أفراد المجتمع الحائلي مسرورا بعملنا لكننا لم نجد منهم الجرأة والإقدام لتشجيعنا". ويضيف الهذال:"الثقافة هي مرآة الأمة، وعلى المثقف أن يدفع الضريبة وهي العطاء وليس ضروريا أن يجد صدى لعطائه.