أعترف بأن اللقاء أثار لدي من الأسئلة ما يوازي الأجوبة التي حصلنا عليها منه وبقية الزملاء في فريق الوزارة، ولكنه أيضا مدّ جذورا للطمأنينة في نفسي نحو خطة التعليم خلال الأسابيع القادمة، وستورق بإذن الله بعمل فريق الوزارة الدؤوب.
أكد الوزير في حديثه أولا على تكاملية أدوار اللجان المختلفة في عدد من الوزارات وعلى رأسها وزارة الصحة في اتخاذ قرارات العودة للحالة الطبيعية في المدارس والمؤسسات التعليمية. والحقيقة أن العودة تحمل في طياتها مخاطرة لا تحمد عواقبها وقد ظهرت بعض آثارها في دول أخرى، وأتفهم خوف الأهالي وحرص الوزارتين على تحقيق اشتراطات الأمن الصحي استجابة لتوجيه خادم الحرمين الشريفين أيده الله وتوصيته الدائمة بالاهتمام بصحة الإنسان أولا. ولهذا أيدت وزارة التعليم قرار الصحة حول الأسابيع السبعة مع تقييم الوضع بنهايتها، وهذا يضع المجتمع التعليمي وشركائه في المنازل من أولياء الأمور في اختبار حقيقي للشراكة المثمرة، فالأهالي هم حجر الزاوية وبدون تعاونهم التام مع المدارس سيجد الأبناء صعوبة في الانتظام الدراسي المأمول.
ومن منطلق اهتمام شخصي بحقوق الطفل وتكافؤ الفرص في التعليم وبالأمن داخل الأسرة، سألت وزير التعليم ثلاثة أسئلة محددة وحصلت على أجوبة لها، وسأنقلها لكم هنا كما سمعتها من معاليه وفريق العمل.
ركز سؤالي الأول له على المؤشرات الحمراء التي تقلق المدرسة وإدارة التعليم على سلامة الطفل أو تشير لعدم حصوله على حقه في التعليم، ومتى تتدخل المدرسة في هذه الحالة وما هي حدود تدخلها؟ جاءت الإجابة منه ومن سعادة الدكتور محمد المقبل بأن مدير المدرسة ومعلمي المواد والمشرفين الاجتماعيين في المدارس ملزمون بإحصاء الحضور والغياب والتأكد من عدم تغيب الطلاب ومتابعة الغائبين لمعرفة الأسباب وحلها بالطريقة المناسبة لكل حالة، هذه الإجابة تضمن سلامة الأطفال إلى حد كبير خصوصا مع بعدهم عن التواصل البشري مع أي بالغ سوى ذويهم. ومع هذا أوصي الوزارة حقيقة بتنظيم زيارات منزلية مشتركة مع مجلس الأسرة ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية للاطمئنان على الحالات التي ثبت مسبقا تعرض القصّر فيها لأي نوع من أنواع الإيذاء، سواء الجسدي أو النفسي أو اللفظي، خلال الفترة القادمة للاطمئنان عليهم وطمأنتهم كذلك.
سؤالي الثاني له ركّز على المستفيدين من طلابنا وطالباتنا في المناطق النائية من حيث إمكانية الوصول، وكذلك تقبل سكان هذه المناطق لمفهوم التعلم عن بعد. وسألت إذا كان بالإمكان تحديد يوم للحضور للمدارس في المناطق النائية للفئات الأكثر تعرضا للخطورة والأقل قدرة على الانتظام في التعليم عن بعد، وأجاب بأن هذه الفكرة طرحت للنقاش والتقييم ولكن وجدت اللجنة أنه يصعب تنفيذها مع الحفاظ على اشتراطات وزارة الصحة، لذلك قررت اللجنة الاكتفاء بالتعليم عن بعد في المناطق النائية للاكتفاء بنموذج تعليمي واحد خلال الفترة القادمة. في الحقيقة أظن أن الوزارة ستقيّم الحالة بنهاية الأسابيع السبعة، وقد يجد المسؤولون أن تحديد معلم ومعلمة في المدارس النائية أجدى وأوفر ماديا وبشريا من التعليم عن بعد في هذه المناطق، حتى لو دفعت الوزارة للمعلم والمعلمة مخصصا مقطوعا للجائحة كبدل مخاطرة.
في مداخلتي الثالثة سألت الوزير عن المحرك الأساسي لهذه المرحلة الهامة، أو عمودها الفقري وهو خدمات الإنترنت، والدور المرتقب لوزارة الاتصالات في المرحلة القادمة، فقصور خدمات الإنترنت عن تغطية الطلب المتزايد في المجتمع واضح جدا لأي مستخدم، وبطء الشبكة وضعف التغطية والتباين فيها يدركه أي شخص ينتقل من مدينة لأخرى، فما هي خطة وزارة الاتصالات للمرحلة القادمة.
وضح الوزير أن المفاوضات قائمة مع وزارة الاتصالات للحصول على أفضل وأنسب عرض للفترة الحاسمة المرتقبة مع مراعاة الاحتياجات والكلفة. الحقيقة أن هذه الإجابة تعد بالكثير وتنبئ عن استيعاب للتحديات التي تواجه كل بيت في السعودية، فالتعليم هو همنا جميعا وجودته هي هدفنا الأسمى، ولا يمكن أن تتحقق الجودة إلا بحصول الطلاب والطالبات على فرص متكافئة بصورة حقيقية ملموسة من استلام الكتب إلى استخدام الإنترنت. اقترحت هنا على معاليه توفير شرائح إنترنت تعليمية مخفضة للطلاب تضمن استخدام الباقات فيما خصصت له، وهذه الفكرة على بساطتها تعلّم أبناءنا تحمل المسؤولية وتجعلهم شركاء في الحل، فنحن لا نطمح لتخريج جيل رعوي آخر يحسن المطالبة فقط، بل نسعى لبناء جيل يحسن تقدير الأمور ويثمّن جهود الدولة بمؤسساتها المختلفة ويستثمر وقته وجهده وباقة الإنترنت المخصصة له استثمارا واعيا.
خرجت فعلا من قاعة الاجتماعات وأنا أعرف شيئا هاما عن كل شيء مر في أروقة الوزارة خلال فترة عمل لم تتوقف استعدادا لبدء العام الدراسي، سواءً من خلال حديث الوزير المتسم بالصراحة والشفافية، أو إضافات فريق العمل المميز والذي قال لنا فعلا كل شيء، أو الأسئلة التي طرحتها أنا والزملاء والزميلات من كتاب الرأي. أهم توصياتي للفترة القادمة أوجهه للأسرة السعودية، وذلك بالثقة في قرارات لجان وزارتي التعليم والصحة، ووضع جداول محكمة لمتابعة الأبناء خلال ساعات الدوام حسب المرحلة والحرص على التواصل الفعال مع المدارس من خلال منصة مدرستي التي استثمرت فيها الوزارة بشكل غير مسبوق، وهذا ما يجعلني أفرد لها مقالا خاصا قريبا بحول الله.