خالد وسعاد، طالبا الثالث الثانوي، وآلاف مثلهما من الجنسين، حضروا وشاهدوا وتحدثوا وتعلموا وحصلوا على (خدمات) علمية فعلية أثناء انعقاد فعاليات المعرض والمؤتمر الدولي للتعليم العالي، والذي عقد الأسبوع الماضي في العاصمة الرياض. خالد وسعاد، ذهلا وهما يريان عدداً من الجامعات العالمية المرموقة والمتميزة، والتي يسمعان عنها، ولكن لم يتخيلا أنها سوف تكون يوماً ما حاضرة في الرياض لتمنح الفرصة لخالد وسعاد وعدد من أبناء وبنات الوطن للانضمام للدراسة والتعلم في أروقة هذه الجامعات ذات العلامة العلمية والبحثية الفارقة. جون هوبكنس في الطب، هارفارد في الطب والإدارة، ام أي تي في الهندسة والتقنية، وبردو، بريتيش كولومبيا من كندا، كامبريدج من بريطانيا، جامعة السوربون من فرنسا، وجامعات أخرى مرموقة ألمانية ويابانية وأسترالية ونيوزلندية تصل إلى أكثر من (450) جامعة، جامعات حضرت للرياض وليست موجودة فقط على "النت"، تفاعل بين الطلبة والمهتمين في السعودية وإدارات هذه الجامعات في الرياض، وجهاً لوجه، وبخدمة علمية وتعليمية نوعية وفورية.
ويأتي انعقاد المعرض والمؤتمر الدولي للتعليم العالي بالتزامن مع ما تشهده وتعيشه وزارة التعليم العالي من مشاريع استراتيجية تتمحور في انطلاقة واستمرار برنامج الملك عبدالله للابتعاث الخارجي والذي وصل المستفيدون منه من أبناء وبنات الوطن إلى أكثر من 120 ألفا يدرسون في دول العالم المختلفة وبمختلف التخصصات من طب وهندسة وتقنية وإدارة وغيرها، تجربة علمية وحضارية وثقافية تشمل الطالب والزوجة والأطفال والآباء والأمهات، سوف تنعكس حتماً وبشكل إيجابي على المملكة وفي مختلف مجالات الحياة التنموية والاقتصادية والبشرية والثقافية والعملية. ومن البرامج الاستراتيجية الأخرى التوسع في إنشاء الجامعات الحكومية في مناطق المملكة والتي لا تساهم فقط في توفير فرص أكبر للدراسة الجامعية، وإنما، وهو الأهم، تدعم التنمية الاقتصادية والبشرية والتعليمية في مناطق المملكة وتساهم في التوازن التنموي الاقتصادي والبشري بين مناطق المملكة، وهذا ما قام به عدد من الجامعات الناشئة الجديدة، ومنها على سبيل المثال جامعة حائل، والتي ومن خلال اطلاع وعمل مباشر في مشاريع تنموية في المدينة، أحدثت نقلة تنموية اقتصادية وبشرية نوعية يلمسها ويعيشها جميع أبناء وبنات المدينة وعلى رأسهم أمير المنطقة الأمير سعود بن عبدالمحسن حفظه الله.
ما حصل في المعرض والمؤتمر الدولي للتعليم العالي في دورته الثالثة فريد ومتميز ويخدم المملكة في عدة نواح استراتيجية وتنموية وبشرية وحضارية، منها على سبيل المثال:
1. تواصل واطلاع الطلبة والطالبات السعوديين وكذلك أعضاء هيئة التدريس على ما تقدمه الجامعات العالمية من تخصصات وفرص علمية، إضافة إلى زرع الثقة وزيادة الرغبة في الطموح والتفوق العلمي لدى أبنائنا وبناتنا, والرسالة "نعم يمكنك الدراسة والتفوق في أرقى الجامعات العالمية".
2. اطلاع وتفاعل الآلاف من الوفود العالمية المشاركة على حضارة وثقافة المملكة، وفود من أميركا وبريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا ونيوزلندا وألمانيا وغيرها، وفود شملت وزراء ومدراء جامعات وأساتذة وعمداء ومتخصصين ومشرفين وغيرهم، وفود تفاعلت وتأثرت إيجابا باهتمام المملكة قيادة وشعباً بما وصلت إليه المملكة من مستويات استراتيجية وتخطيطية وتنفيذية ذات علاقة بالتنمية البشرية انطلاقاً من الاستثمار في التعليم العالي، قطار الاقتصاد المعرفي والتنمية البشري، وهذا ما عبر عنه المشاركون الدوليون مثل الدكتورة كاثرين نابر من جامعة جورج واشنطن، والتي تكوّن لديها فكر إيجابي عن المملكة وقيمها وحضارتها، وترجمته بزيارتها الثالثة هذا المرة من خلال هذا المعرض والمؤتمر، وكذلك لقاءاتها مع زميلاتها في جامعة الأميرة نورة والجامعات الأخرى، ولدت انطباعات لدى كاثرين وزميلاتها وزملائها من مختلف دول وثقافات العالم عما وجدوه ولمسوه من قيم وثقافة واحترام إنساني راق يقبل ويتعايش ويحترم قيم الثقافات الأخرى ويستفيد من حضاراتها وعلومها.
3. التبادل المعرفي والشراكة في الأبحاث العلمية بين الجامعات والمراكز العلمية السعودية والجامعات والمراكز البحثية العالمية المتميزة، شراكات بين جامعات مثل جامعة الأميرة نورة وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن والجامعات العالمية ما كانت لتتحقق بهذه المرونة والدعم المتنامي لولا تبني وإطلاق هذا المعرض العالمي للتعليم العالي.
ومن المؤكد أن برنامج الابتعاث والتوسع في الجامعات يمثل مرحلة تاريخية ومنجزا استثنائيا للمملكة يصب في الاستثمار الأمثل في الإنسان السعودي، ويحاكي ما قامت به دول متقدمة مثل الهند والصين وكوريا الجنوبية وسنغافورة وماليزيا، إنجاز يحسب للدولة حفظها الله، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله حفظه الله، وولي العهد وزير الداخلية الأمير نايف حفظه الله، إنجاز لإرادة ورغبة القيادة ترجمه قيادة وتنفيذاً وبحكمة وصبر ومتابعة معالي الدكتور خالد العنقري وزير التعليم العالي وإلى جانبه معالي الدكتور أحمد السيف نائب وزير التعليم العالي وفريق عمل من الأساتذة والإداريين والمتخصصين في التعليم العالي.
التوصية النهائية للمؤتمر هي أن ما تحقق في هذا المحفل والملتقى العالمي من فوائد للوطن ينبغي أن يستمر من خلال تحويل الملتقى إلى معرض ومؤتمر دولي "دائم" للتعليم العالي، تخصص له أمانة عامة، مع دراسة إمكانية عقده بنسختين، نسخة شاملة ومركزية في الرياض، كما هو حاصل في النسخة الحالية، ونسخة مصغرة (Micro) تتوزع بين مدن ومناطق المملكة في أوقات مختلفة في السنة مع التركيز بشكل أكبر على دور الملحقيات التعليمية في الخارج، مما يعزز مبدأ الشراكة والتوازن الاقتصادي والتنموي بين مدن ومناطق المملكة.