ما هي إلا فترة وجيزة جدا لا تتجاوز الـ90 يوما، وتنطلق دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في العاصمة البريطانية لندن (تعود إليها بعد سنة 1908) وسط ترقب وانتظار العالم أجمع لمتابعة أكبر وأهم حدث رياضي كوني على الإطلاق. هي دورة من المتوقع أن تكون محل الترقب من كافة الجوانب التنظيمية منها، والتنافسية، والنقل الفضائي الذي سيقدم كثيرا من أساليب النقل والمتابعة والتحليل التي تدعمها التقنية الأحدث في الساحة، ما سيجعلها أقرب للمتعة منها للمشاهدة فقط.

ومن خلال متابعة مستمرة لأحداث التنظيم اللندني لهذه الدورة، لاحظت زخما كبيرا من الاهتمام والجدية في تغيير نظرة العالم عن المملكة المتحدة كدولة رياضية تريد أن تخرج من نمطيتها وكلاسيكيتها المعروفة والتي لم تفعل سوى تراجع الرياضة البريطاني، وجعلتها تبتعد بمسافات عن دول أوروبية شهدت رياضتها قفزة قوية إلى الأمام كما هو الحال مثلا لإسبانيا وفرنسا، فهذان البلدان شهدت الرياضة فيهما تطورا مدهشا في كثير من الرياضات، وتمكن الرياضي الإسباني والفرنسي من التواجد والمنافسة والإنجاز في كثير من المحافل القارية والدولية، ما يؤكد أن الفكر الرياضي لدى القائمين على الرياضة هو فكر خلاق ومتقدم عن نظرائه من القيمين على الرياضة في بقية أنحاء القارة العجوز، وأحد تلك البلدان المملكة المتحدة التي توارت عن أنظار المنافسة القارية في جل الرياضات تقريبا، ولولا الدوري الكروي فيها والذي يتسم بشيء من الحماسة والإثارة لربما انقطع ذكرها عن وسائل الإعلام، والحقيقة أن بريطانيا فعلا تشهد انتكاسة واضحة في العمل الرياضي على كافة المستويات واتسع هامش هذا الإخفاق في العشرية الأخيرة، فأصبحنا نرى دولا أوروبية صغيرة جدا تحضر بقوة في المنافسات الرياضية الأوروبية بينما هذه المملكة العجوز تترنح رياضيا، ولا تجد لها سبيلا للحضور الإعلامي سوى ميكنتها الإعلامية والصحفية الكبيرة جدا، حيث يعتبر الإعلام الرياضي البريطاني من أقوى – إن لم يكن الأقوى بالفعل – وإلا فواقع الرياضة والرياضي البريطاني لا يسر أبدا، وهذا الأمر مثار استغرابي ممن ما زالوا يعقدون مذكرات تفاهم مع البريطانيين في الجانب الرياضي، ونحن إحدى تلك الدول التي تتوقع شيئا منهم مع أن الواقع لا يعطي أي مؤشر بذلك.

عموما.. أستطيع استشراف الحضور العربي في هذه الدورة الرياضية الأهم في العالم، كما هو حالهم في كل دورة أولمبية، ينامون نومة طويلة حتى يأتي من يصحيهم من سباتهم وينبههم بقرب الدورة فيحدثون ضجيجا في أيام، فما إن تبدأ الدورة حتى تنتهي والرصيد يبقى فارغا إلا من مبادرة فردية من أحد الرياضيين العرب، وأتوقع السباح التونسي أسامة الملولي، هو أمل العرب جميعا في ميدالية أولمبية (فضية أو ذهبية)، عدا ذلك المؤشرات لا توحي بشيء أبدا.. فنقول لهم في نهاية الأمر: مشاركة سعيدة يا عرب.. وينتهي الموضوع بنا وكأن فعاليات الدورة لم تحدث!.