بدت الحكومة اللبنانية الإثنين في وضع هش بعد استقالة 4 من أعضائها إثر فاجعة انفجار مرفأ بيروت، فيما يتصاعد غضب اللبنانيين الذين يحاولون لملمة جراحهم متمسكين بمحاسبة المسؤولين وإسقاط كل التركيبة السياسية. وبعد مرور 5 أيام على الانفجار الضخم الذي تسبب بمقتل 160 شخصا وإصابة أكثر من 6 آلاف بجروح، مع استمرار فقدان قرابة 20 شخصا، لم يصدر التقرير الذي وعدت به السلطات حول ما حصل. وبحسب السلطات، فإن الانفجار نتج عن حريق لم يجزم بأسبابه بعد، في عنبر يحوي 2750 طنا من مادة النيترات لم يعرف سبب الاحتفاظ بها منذ ست سنوات بعد مصادرتها من على باخرة غرقت في ما بعد. وكان آخر الوزراء المستقيلين وزير المالية غازي وزني. وسبقه كل من وزيرة العدل ماري كلود نجم ووزيرة الإعلام منال عبد الصمد ووزير البيئة دميانوس قطار.

ضغوط سياسية

وأفادت وسائل إعلام محلية عن ضغوط سياسية يتعرّض لها وزراء راغبون بالاستقالة لثنيهم عن ذلك والحؤول دون مزيد من إضعاف الحكومة التي قد ينتهي بها الأمر، وفق تقارير أخرى الى إعلان استقالتها بعد انتهاء الاجتماع الذي تعقده اليوم، وهو الأول منذ وقوع الانفجار المروع.


وتتألف الحكومة من 20 وزيرا. وبموجب القانون، لا بدّ من استقالة أكثر من ثلث أعضائها لتسقط حكما.

حكومة تكنوقراط

وكان يفترض أن تكون هذه الحكومة تكنوقراطية تعمل على معالجة مشاكل اللبنانيين لا سيما الاقتصادية والمعيشية، لكن من الواضح أن القرار فيها يخضع للقوى السياسية النافذة في البلاد، وعلى رأسها تيار رئيس الجمهورية ميشال عون وحليفه حزب الله. ودعا دياب السبت الى إجراء انتخابات نيابية مبكرة لإخراج البلاد من "أزمتها البنيوية". ومنح القادة السياسيين مهلة شهرين للاتفاق على الإصلاحات وعلى بديل للحكومة.

وارتفع عدد النواب الذين تقدموا باستقالاتهم بعد الانفجار إلى 9، فيما يبدأ البرلمان الخميس عقد جلسات متواصلة لمساءلة الحكومة. في برنامج تلفزيوني الليلة الماضية عبر شاشة "ام تي في"، قال النائب المستقيل نديم الجميل من حزب الكتائب، "لا توجد حكومة ولا مؤسسات.. هناك شخص واحد مسيطر على هذا البلد اسمه حسن نصرالله. إذا لم يزل سطو سلاحه عن كل المؤسسات، لا يوجد بلد".

وأضاف "إذا أردنا انتخاب رئيس جمهورية، يجب ان نأخذ موافقة حسن نصرالله... إذا أردنا تعيين رئيس حكومة، يجب أن نأخذ إذن حسن نصرالله ، إذا اردنا إجراء انتخابات، يجب أن ننتظر أي قانون انتخاب يريد حسن نصرالله. اليوم، لا أحد يمكنه دخول المرفأ إلا جماعة حسن نصرالله"، الذي قال الجمعة "لا شيء لنا في مرفأ بيروت". ويبقى حزب الله إجمالاً خارج المشهد السياسي المباشر، لكن واضح أنه القوة السياسية الأقوى اليوم، لا سيما أنه يملك ترسانة أسلحة تفوق سلاح الجيش اللبناني.

غليان في الشارع

في هذا الوقت، يستمر الغليان في الشارع. وشهدت بيروت خلال اليومين الماضيين تظاهرات غاضبة حملت شعارات "علّقوا المشانق" و"يوم الحساب"، وتخللتها مواجهات مع القوى الأمنية التي أطلقت الغاز المسيل للدموع ورصاصاً مطاطياً، ما أوقع عشرات الإصابات خصوصاً في صفوف المتظاهرين. ويطالب المتظاهرون الناقمون أساساً على أداء السلطة بمحاسبة المسؤولين عن الانفجار وإلى رحيل الطبقة السياسية بكاملها. ولا يظهر في الأفق أي حل للوضع الحالي المهترىء. إذ لن يكون من السهل تشكيل حكومة جديدة في حال استقالة الحكومة الحالية، كما أن إجراء انتخابات نيابية مبكرة في ظل قانون فُصّل على قياس القوى السياسية الممثلة في البرلمان حاليا، قد يعود بالقوى السياسية ذاتها الى البرلمان، ناهيك عن صعوبة تنظيمها في ظل الفوضى السائدة.