تعتبر وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية من أهم الوزارات في الدولة؛ فهي تُّعنى بملفين من أهم وأخطر الملفات وهما ملف الموارد البشرية على مستوى كل القطاعات الحكومي والخاص والأهلي من حيث تأهيلها وتنميتها وتلبية احتياجات سوق العمل وحفظ حقوقها وحقوق أصحاب العمل، والملف الآخر الذي لا يقل أهمية هو التنمية الاجتماعية التي تُعنى بتنمية الفرد والجماعة في المراحل العمرية المختلفة من الطفولة إلى الشيخوخة ومن الأسرة النووية إلى العائلة الممتدة وحفظ حقوقها وحمايتها ورعايتها.

حددت الوزارة أهدافها الاستراتيجية في إطار الدور المنوط بها في تحقيق مستهدفات برنامج التحول الوطني 2020 انطلاقاً من رؤية المملكة 2030، في رفع مستوى جودة الخدمات التي تقدمها الوزارة، خلق بيئة عمل آمنة وجاذبة، وتوفير فرص عمل لائقة للمواطنين، وتوسيع القطاع وتوجيهه للعمل في مجالات التنمية، وتمكين العمل التطوعي، وبناء قدرات الجهات العاملة في القطاع غير الربحي وحكومتها، وإيجاد منظومة متكاملة للحماية الأسرية، ورفع كفاءة الخدمات والبرامج المقدمة من خلال المراكز والدور والمؤسسات، ورفع المستوى المهاري للسعوديين بما يتلاءم مع احتياجات سوق العمل، وتوجيه الجهود لتأمين السكن الملائم لمستفيدي الضمان الاجتماعي الأشد حاجة للسكن، وتحويل شريحة مستفيدي الوزارة من متلقين للمساعدة إلى منتجين (تمكين).

موضوع المقال اليوم يتعلق بالتنمية الاجتماعية التي هي في تقديري تستحق أن تكون وزارة مستقلة بذاتها لأهمية مجال التنمية الاجتماعية وشمولية مفهومه وملامسته لكل شرائح المجتمع وحاجة المجتمع في الوقت الحاضر أكثر من قبل، لكن هذا أيضا ليس هو موضوعنا في العموم، وإنما فيما يتعلق بالقطاع غير الربحي الذي يعتبر من أهم ملفات التنمية الاجتماعية وأكثرها حاجةً إلى التطوير والتقنين والحكومة، صحيح أن الوزارة تقوم بجهود كبيرة في هذا المجال لمواكبة رؤية المملكة 2030 التي تركز على القطاع غير الربحي وتعتبره شريكا فاعلا في رفع إجمالي الناتج المحلي الذي تتطلع الرؤية إلى أن ترتفع مساهمته من أقل من %1 إلى %5 وذلك من خلال زيادة عدد الجمعيات والمؤسسات الأهلية وزيادة أعداد المتطوعين ليصل إلى مليون متطوع بنهاية الخطة، وقد شرعت الوزارة في إنجاز العديد من البرامج والمشاريع ضمن خطة التحول الوطني 2020 وأصدرت عددا من التشريعات واللوائح والأنظمة، ووفرت بيئة تقنية رقمية تدعم القطاع غير الربحي في أداء عمله بشكل مؤسسي وشفاف.


هذا التحدي جعل الوزارة في الفترة السابقة تفتح الباب على مصراعيه لتسجيل عشرات الجمعيات المتخصصة وذات النفع العام مما أدى إلى زيادة كبيرة في أعداد الجمعيات الأهلية التي أكثرها أصبح يعاني من عدم توفر الموارد المالية وبالتالي انعكس على أدائها وشبه توقفت أنشطتها وبرامجها، بعد ذلك تنبهت الوزارة لسلبيات تلك المرحلة فغيرت استراتيجيتها ووضعت ضوابط وشروطا للتأسيس للحد من التوسع في الجمعيات الأهلية إلا أن بعض هذه المتطلبات غير منطقية مثل اشتراط الحصول على موافقات من جهات داعمة ولا أعرف كيف يمكن أن توافق الجهات الداعمة على الالتزام بدعم جمعية ما وهي مازالت على الورق، لا تعرف من هم القائمون عليها وما هو دورها في المجتمع، وأيضا ضرورة عمل خطة استراتيجية لجمعية تحت التأسيس لا تستطيع دراسة واقعها الفعلي لبناء الخطة على أساسه. بهذا الإجراء فإن الوزارة تكرر نفس الخطأ الذي وقعت فيه عندما فتحت الباب على مصراعيه في التراخيص وهي تقفل الباب تقريبا كلياً على داخليه مما أدى إلى رفض الوزارة لعدد كبير من الطلبات على الرغم من أهمية اختصاص تلك الجمعيات.

في تقديري أنه كان يفترض أن يكون المعيار الأساسي هو حاجة المجتمع لذلك النشاط وفق متطلبات الرؤية، وأن يكون الأعضاء المؤسسون من المختصين في ذات المجال حتى لو تطلب الأمر أن توفر الوزارة لها دعم تأسيس في البداية، ثم لا بأس أن تضع ضوابط أخرى للترخيص للجمعيات المكررة أو التي الحاجة لها ليست ماسة.

تقدمنا بطلب تأسيس جمعيتين تُعنى بمجالات في غاية الأهمية وغير مسبوقة، الأولى جمعية لتعزيز القيم في ظل تداخل القيم وتخلي بعض شبابنا للأسف الشديد عن قيمهم العربية والإسلامية الأصيلة، وجمعية للتوعية المرورية في الوقت الذي يفقد فيه الوطن أعدادا كبيرة من أبنائه تفوق خسائر الحروب من الأرواح، لكن للأسف الشديد فاجأتنا الوزارة بالرفض دون معرفة السبب، ولهذا أقول إذا كان لدى الوزارة توجه مسبق إلى عدم الترخيص لجمعيات جديدة بصرف النظر عن أهميتها فلتقفل بوابتها الإلكترونية ولا تستقبل الطلبات من الأساس، وليس بعد أن يصرف المؤسسون الجهد في توفير الطلبات مادام الرفض هو النتيجة المتوقعة.

اقتراح أيضا آخر من أجل التخفيف على الوزارة أن يكون لكل عضو مؤسس لأي جمعية بعد المسح الأمني ملف على منصة الوزارة يحدَّث بين وقت وآخر ولا يحتاج الأمر الرفع بكل الأسماء وإنما يقتصر على الأسماء غير الموجودة على المنصة، هذا سيعجل بالترخيص ويوفر وقتا وجهدا على الوزارة والجهات المعنية.