في اللحظة التي كان فيها عضو المكتب التنفيذي لشباب الثورة المصرية يسوق بالعلن والضمن بعض التهم إلى مجموعة دول الخليج بالتدخل في سوق الانتخابات المصرية، كان الشريط الإخباري على قناة عربية أخرى يشير إلى دعم سعودي بخمسة مليارات دولار كحزمة تمويل لاقتصاد الشقيقة مصر.

ومن الواضح لي، كمواطن مسكون بعاطفته الوطنية الجياشة تجاه بلده، أن مثل هذه الأدبيات السياسية تثير الاستفزاز، ولا أحد يستطيع المزايدة على محبتي لمصر وعلى اعترافي بدورها التاريخي في الخارطة السياسية العربية. وكل ما أردت قوله إن الظروف الوليدة لا تحتمل أياً من الخبرين، لا خبر الدعم الانتخابي ولا حتى خبر مليارات حزمة التمويل المالية. هنا أتحدث عن رأيي كفرد مستقل. حقيبة من القمصان المطبوع عليها صورة مرشح رئاسي لا تحتمل هذا الطوفان الإعلامي من فرقاء الساحة السياسية المصرية، لأن بالمملكة اليوم ما يناهز المليوني مواطن مصري، وهم بالطبع خارطة انتخابية تمثل جل شرائح المجتمع الأصل، ومن العبث الفضائي أن يتم تصوير حقيبة قادمة من مطار سعودي بأنها رسالة سعودية، فالسعودية أكبر من مجرد طباعة ألف قميص لصورة مرشح. الحقائب التي يتحدث عنها انتهازيو المشهد السياسي وأنها مليئة بالدولارات لا تدل إلا على عصر (قروسطي)، لأن عصر اليوم قد أنهى هذه الوسائل المكشوفة. كيف يصدق السياسي الحديث بأحمال الجمال من الدنانير والقناطير في حقائب مشحونة. ووجهة نظري أننا يجب أن نكون أكثر كياسة في تعاملنا مع الظروف الوليدة. مصر تستحق كل هذا الدعم بلاشك، ولكننا نستحق في المقابل أن تعرف مصر الوليدة بأكملها من هو الذي يقف معها في هذه المحنة. الشريط الإخباري على القناة العربية لا تجد له أثراً ولو بنصف سطر في كل صحف مصر الرسمية أو المستقلة. لم تجد له إلا ذكراً عابراً في 120 نقطة ذكرها رئيس الوزراء لمستقبل اقتصاد بلده وهو يتلوه على شعبه. ومن وجهة نظري فإن الوقوف مع مصر لا يحتاج إلى منّة، ولكنه في المقابل، لا ينتظر حتى ما هو أبعد من التجاهل حين يتم التركيز على حقيبة لا مكان لها في قواعد اللعبة السياسية على حساب حزمة تمويل بمليارات من الدولارات تصل إلى الخمسة.