دعا مثقفون وأكاديميون مصريون إلى تعددية ثقافية قادرة على استيعاب التنوع الذي تتمتع به البيئة المصرية على اختلاف مناطقها وجذورها.
وأجمع المشاركون في الندوة الفكرية للهيئة المصرية العامة للكتاب على أن مصر تتميز بتعددها الثقافي بالمعنى التاريخي الحضاري ، فهناك أهل النوبة والبدو والأمازيغ وسكان الريف وأهل الحضر، لافتين إلى أن التعددية الثقافية ثمرة تطبيق الديمقراطية.
شارك في الندوة أستاذ الفلسفة السياسية بجامعة عين شمس الدكتور إمام عبد الفتاح إمام والأمين العام لمؤسسة المصريين للتنمية الثقافية أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة القاهرة أشرف راضي، وأدارها الدكتور أحمد زايد الذي أوضح أن المجتمع يقوم على فكرة الصالح العام، لافتاً إلى أنه يجب أن تكون التعددية خلاقة تدفع المجتمعات إلى الأمام .
من جانبه قال الدكتور إمام عبد الفتاح : إن التعددية الثقافية موضوع طريف لأنه جديد تماماً فهو جزء من الفلسفة السياسية ولكن لا أفلاطون ولا أرسطو قديماً عرفوا شيئاً عن التعددية الثقافية، ولم يعرفوا غير الثقافة اليونانية، وأرسطو كان يعتقد أن الحضارة هي في الأصل يونانية وبقية الشعوب عبيد على الرغم من أن أفلاطون زار مصر القديمة وسخر منه المصريون، وقالوا إن اليونانيين أطفال ، وفي العصور الوسطى لم تخطر في ذهن أي فيلسوف في العصر الوسيط أي تعددية ثقافية ولا في العصر الحديث، وإنما لم تظهر إلا في الآونة الأخيرة من 40 أو 50 سنة على الأكثر، ونستطيع القول إن التعددية الثقافية ثمرة تطبيق الديمقراطية ل؟أنها ترى أن الأعمدة الأساسية لها هي الديمقراطية والحرية .
وأضاف إمام أن التعددية تعبر عن الأقلية و كلمة الثقافة لا نعني بها الفنون والآداب وإنما تعني باختصار شديد كل ما يرثه الإنسان من أجداده وينقله لأحفاده، وهنا الثقافة بمعناها الواسع الشامل، ومجتمع ينقل من جيل إلى جيل ، وربط د. إمام بين التعددية والإقليات فالذي يطالب بهذه التعددية الثقافية هم الإقليات .
إننا نعاني فى مصر الآن من أن الديمقراطية لا تفهم في الواقع فهماً سليماً ، فأساسها الحرية ولكن الحرية لا تعني أن تفعل ما تريد لأن ذلك يعني هدم المجتمع، وليس البناء ، والعدالة الديمقراطية تقتضي وجود تعددية ثقافية تنقل الثقافة وتتنوع من جيل إلى جيل ولا توجد ثقافة واحدة في المجتمع ، وقريباً ستظهر الإقليات وهذا ظاهر الآن في أميركا عند ما يسمى بالسكان الأصليين الذين نطلق عليهم الهنود الحمر و يريدون أن ينظر لهم على أنهم أبناء البلد الحقيقيين. وقال أشرف راضي : نحن الآن أمام لحظة حرجة في تقدم مصر ولحظة تخبط في وجود بوصلة ثقافية محددة، وما حدث في مصر في العشرين سنة الأخيرة نعاني منه الآن، ومن الآليات التي تحققت من خلالها الهيمنة الثقافية والنظام الاستبدادي نعاني منه الآن ولن نخرج منه إلا إذا رجعنا للمربع الأول وهو المربع الثقافي، ولن نعود إلى الثقافة إلا إذا أدركنا أن الثقافة في مصر هي ثقافة تعددية، ففيها النوبة والأمازيغ وثقافات بدوية وفلاحين وحضر .
وقال إن مصر متعددة ثقافياً بالمعنى التاريخي الحضاري فهي متراكمة حضارياً وتاريخياً فتدخل طبقة حضارية على طبقة أخرى، وهذا ينتج أزمات كبيرة جداً تعبر عن نفسها في أزمة الهوية، ومن يلاحظ التحول الذي يحدث في مصر يستطيع ملاحظة الخيوط الثقافية المختلفة، والتعددية ليست نتاج فقط للديمقراطية وإنما شرط لها فتعطي فرصاً متكافئة وحقوقاً أمام القانون .
وأضاف أن التعددية الثقافية تؤسس لفكرة النسبية والمدنية والعلمانية التي أفرزت في القرن العشرين، وربط المعاني للتعددية الثقافية هو صدام بين ثقافات تقليدية غير قادرة على التطور وبين الثقافة الحديثة في طورها الأعظم .
وأكد أن التعددية نتاج الديمقراطية وشرط لها، وتغييب الديمقراطية شرطه إنكار التعددية في مصر ، مشيراً إلى أن " الذهنية التطرفية "غابت على مدار 18 يوماً من التحرير، لكن هذا الغياب كان قصير الأمد ، وتحول الصالح العام إلى صالح مفكك مجزأ ،لافتاً إلى أن هناك ثلاثة عوائق أمام الديمقراطية فى مصر الآن هى الذهنية الطائفية وثقافة الاختلاف والصدام بين ثقافة العروبة والثقافة الإسلامية.