كانت واسعة القلب، تشبه بغداد قليلا، ويتقاربان بجريان دموع عينيهما. فلا تزال بغداد على عادتها تبكي دماً. يوم أمس، صفف القدر لي صورا ما كنت قد تصورت أنها آتية، جاءت بلا مواعيد مسبقة، كتأريخ بغداد المبعثر.
إحدى تلك صور كانت لها، لها هي وحدها. فلا تزال تغويني الرغبة في ملامسة ماهية مختصراتها، نعم مختصرات فقط.
فلم تترك لي حكاية كاملة، ولا جمل مقفلة بنقاط، ولا فواصل حتى، غير فاصلة واحدة اسمها هي. يبدو لي أحيانا أن حتى الكتابة هي مختصر من مختصراتها، أو لربما هي أحد أركان شخصيتها، فكانت تحب الأحرف، تعشق الكلمات، تلمس القلب قبل القلم. وكنت أحب تفاصيلها تلك، وما زلت أشتاقها بين كل فاصلة ونقطة، بين كل حرف وحركة، بين كل قلم وورقة، وبين كل امرأة وأخرى! فهي المرأة التي تستحق أن تذكر، تستحق أن يخط اسمها على مرأى كل عاشق، وترسم تفاصيل مختصراتها على أيقونة الترتيل السريع، على إيقاع النهج المبطن بالحياة. فإليها أعلن شوقي الآن، وإليها وحدها أكتب منذ قطيعة.. فاليوم قررت أن أكتب.