علاقة الإنسان بالحجَر علاقة أزلية، فالحجَر هو البيت الذي يأويه، وهو السور الذي يحويه، وهو اللحد الذي يبكيه، وقد يكون الحجر بالنسبة للإنسان قلبا يضنيه،‏ أو مشاعر تشقيه، أو عقلا يلغيه، أو فكرا يرديه.

الإنسان هو جزء من الحجر، بل قد يكون جله حجراً، فقد خلقه الله تعالى من تراب، فتبارك الله أحسن الخالقين. وبعد تأمل طويل للحجر وصفاته ومميزاته، جزمنا بأن هناك «الإنسان الحجر»، وهو الذي يشبه الحجر، فإما يكون مثله صلبا، أو يكون مفككا، أو يكون مسحوقا، وفي كل حالاته قد يكون مخلوطاً بشيء من المعادن. فطوبى لشبيه الحجر الذي تخالطه النفائس.

وبعدها، وجدنا من تأملاتنا تلك أن هناك 4 من إنسان الحجر:


* أولهم: «الإنسان الجبل»، ‏وهو إنسان قوي في شكله ومضمونه، ‏واضح التعامل، ومصدر الأمان لمن حوله، ومترفع عن الصغائر، ومتزن، وما يعرف ‏عنه من النبل أقل بكثير مما يخفي، لا يتراجع بسهولة عن موقف اتخذه، ومن عيوبه أنه تقليدي نوعا ما، وقاسٍ حتى على نفسه.

* ثانيهم: «الإنسان التل»، ‏وهو إنسان جميل في مظهره، ولطيف في حديثه، وطموح، ويحاول دائما أن يبدو متماسكا، ولكن المواقف القوية تبعثره. يضعف أمام من يحب، سريع التأثر بالآخرين «سلبا وإيجابا»، من عيوبه أنه يحب البروز.

* ثالثهم: «الإنسان الرمل»، ‏وهو إنسان مرهف الحس، سهل التعامل معه، بسيط ومريح، الحب شعاره إلا عندما يُجرح فقد يدمر حتى من أحب، ومن عيوبه قراراته تتغير مع الريح،‏ سريع الغضب، ومندفع.

* رابعهم: «الإنسان الحصى»، ‏وهو إنسان جاد وقوي، ولكن لا يتمتع بالثبات الداخلي للجبل، يستطيع التكييف‏ في أي مكان وأي زمان، اجتماعي، يحب التغيير، من عيوبه قاسٍ ومؤذٍ عندما يشعر بالضيق، لديه إحساس بعدم الاستقرار والضياع. ‏ولعلك أخيرا، إن كنت إنسان الحجر أو خالطك شيء منه فلا تكن قاسياً، وخذ من الجبل هيبته، وخذ من الرمل رهافة حسه،‏ وخذ من التل صموده أمام العاتيات، وخذ من الحصاة حبها للتغيير، ثم كن حجرا كريما يتنافس في اقتنائه المتنافسون، ولا تكن غير ذلك، فيتنافس فيك من لا تبتغيهم.