أعتقد أننا كلنا في هذه الدنيا (كدادة) وإن كنا لا نمارس عمل قيادة السيارة مسافات طويلة لطلب الرزق. كلنا لحقته مشقة العمل أياً كان، ولا بد له من تعزية تخفف عليه حمل الحياة، والذي يظهر لي أن أكثر التعزيات خيرا وأطولها عمرا وأطهرها طبيعة هي الصداقة.
ما هي حياتنا إن لم تكن في الواقع مجموعة من المشاعر الإنسانية، وما أظن ما في الإنسان من قوى مادية أو مالية أو غيرها من النفوذ، إلا وسيحس يوما ما بحاجته إلى مساعدة صديقه، وحينما لا يوجد هذا الصديق واقفا بجانبه وقت هذه الحاجة أو تلك الظروف، بالتأكيد إن ذلك سيؤثر فيه لأنه اكتشف وجهاً آخر لصديقه الذي كان يظن أنه توأم روحه. يسرف الناس في استعمال لفظ الصديق.! ويطلقونها على الزملاء في العمل أو المعارف وما علموا أنهم بذلك امتهنوا الصداقة وابتذلوها، ولو سألت أحدهم ما الصديق؟ لما زاد على أنه ذلك الإنسان بعينه الذي تشعر في نفسك بالفرح عند لقائه، والشوق للجلوس إليه، والإفاضة له بكل ما لديك وتعطيه مفتاح قلبك آمنا ليرى فيه كل شيء.
إن هذه ليست الصداقة يا سادة! إن الصديق الذي تجده وقت وقوعك في أي ظرف ما واقفاً بجانبك طيلة هذه الأزمة، ذلك هو الصديق، وإن كنت لا تأنس معه بالحديث ولا تشعر بالارتياح كثيرا له أو تعتبره عددا ضمن مجموعة الأصدقاء الموجودين في الاستراحة! للأمثال الشعبية سحرها ومنطقها الخاص الذي يستخدمه السعوديون في مختلف المواقف الحياتية، ومن الأمثال التي دائما يرددها أهل شمال المملكة «خلان الرخا» كناية عن الأصدقاء الذين تجدهم كثيرا في الرخاء، وفي وقت الشدة والنائبات لا تكاد ترى منهم أحدا.