إسرائيل تفقد أسلحتها، وقريبا كل ما سيبقى هو ترسانتها النووية. ما أعنيه بذلك هو نمط المبالغة الذي يستخدم يوميا من قبل القادة الإسرائيليين ضد نقاد حكومة بنيامين نتنياهو. الشاعر الألماني جونت جراس هو آخر الذين استهدفتهم إسرائيل في مبالغتها، لكن القضية هذه المرة هي ترسانة إسرائيل النووية نفسها، وقضية تزويد الألمان لإسرائيل بالغواصات التي تعمل على وقود الديزل التي تستطيع إطلاق أسلحة تدمير شامل. كيف يجرؤ على الحديث عن ذلك؟ يصرخ نتنياهو! معاد للسامية! ممنوع من دخول إسرائيل بأمر من وزير الداخلية الإسرائيلي.
جونتر جراس، الفائز بجائزة نوبل للآداب عن روايته "برميل الصفيح" هو آخر من استهـدفتهم إسرائيل، لكن هناك آخرين. هناك الهجوم على القاضي الجنوب أفريقي ريتشارد جولدستون عندما أشرف على كتابة تقرير موضوعي دعا إلى التحقيق في القصف الإسرائيلي لقطاع غزة في 2008-2009 بسبب انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي. وقد كان الهجوم الإسرائيلي على جولدستون قويا جدا لدرجة اضطر معها إلى التنكر للتقرير الذي كتبه بنفسه. وكانت هناك هجمات على تركيا بسبب تـأييدها للمدنيين المضطهدين في غزة. وكانت هناك هجمات مؤخرا على مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لموافقته على التحقيق في المستوطنات الإسرائيلية في فلسطين.
القصيدة التي كتبها جراس "ما يجب أن يقال" تبدأ ببساطة:
"لماذا أنا صامت، صامت لفترة طويلة،
عما هو واضح وتم التدرب عليه
في مناورات حربية، والذي نتيجة له أصبحنا نحن الذين بقينا على قيد الحياة
مجرد هوامش في أفضل الأحوال."
"إنه الحق المدعى بتوجيه الضربة الأولى
التي يمكن أن تقضي على الشعب الإيراني،
الذي أخضعه صاحب الصوت المرتفع
وساقه الابتهاج المنظم"،
"بسبب هذا العالم من السيطرة، هناك شك
ببناء قنبلة نووية
ومع ذلك لماذا أمنع نفسي
من تسمية العالم الآخر".
"الذي على مدى سنوات – مع أن الأمر بقي سرا -
تجمعت فيه قدرات نووية متزايدة
ولكن بشكل خارج عن السيطرة لأن التفتيش
غير ممكن؟"
"ولكن لماذا أمنع نفسي
عن تسمية الدولة الأخرى
التي تسبب المضايقة، حيث يتم إعلان العقوبة
في اللحظة التي يخطو فيها المرء خطوة خاطئة؛
الحكم المألوف هو "معادي للسامية".
هذا مقطع صغير من القصيدة التي نشرت أول مرة في 4 أبريل 2012 في ألمانيا وإيطاليا، والتي ترجمت إلى عدة لغات وتم نشرها في آلاف الصحف ومواقع الإنترنت.
ذكر ترسانة إسرائيل النووية! جريمة كلفت الفني النووي الإسرائيلي فانونو حياته. حكم عليه بالسجن 18 سنة -11 سنة منها في الحبس الانفرادي - عدا أنه كشف معلومات حول برنامج إسرائيل النووي السابق للصحافة البريطانية في 1986، وقد أطلق سراحه في 2004، لكنه سجن مرات متعددة بعد ذلك بتهمة انتهاك شروط إطلاق السراح المشروط، ومنع من السفر خارج إسرائيل، وعاش في ظروف صعبة تحت المراقبة.
لكن ما الذي يجعل قصيدة جراس خطيرة؟ ذكر الحق المزعوم لإسرائيل بالضربة الأولى؟ مما يعطي الانطباع بأن إسرائيل لديها قدرات نووية متصاعدة... ولكنها خارج السيطرة، لأنه لا يمكن القيام بأي تفتيش؟"
في 29 فبراير 2012، في نقاش عام في واشنطن، بإشراف المجلس الدولي لدراسات الشرق الأوسط، حذر الخبير الأمني الإسرائيلي إيهود إيلام أن تطور إيران نحو امتلاك القنبلة النووية هو خط أحمر للحرب، وأن سياسة إسرائيل في الحرب الوقائية تنطبق على دول المـنطقة الأخرى، خاصة السعودية.
في مؤتمر فبراير، قال إيلام إن أحد أسباب اعتراض إسرائيل على تطور إيران باتجاه امتلاك قدرات الأسلحة النووية هو أن ذلك يمكن أن يطلق سباق تسلح في المنطقة. لذلك فإن من رأي إيران أن تعمل إسرائيل على إطلاق شرارة حرب تقليدية صغيرة الآن، بدلا من أن تضطر لشن حرب أوسع فيما بعد.
من ناحية شخصية، يقول جراس إنه كتب هذا من أجل المستقبل.
قال جراس في مقابـلة له مع مجلة سودوتشي زيتونج الألمانية "أصبح عمري 85 سنة. أنت تشعر أنك معرض للموت. هذه القصيدة هي التزام بالـتعامل مع العلم والتحدي بأن تتم مناقشة المواضيع التي كانت محرمة حتى الآن في ألمانيا، على سبيل المثال حقيقة أن إسرائيل تمتلك أسلحـة نـووية". وقد تسابق مثقفون كبار من إسرائيل ومن مناطق مختلفة من شتى أنحاء العالم للدفاع عن جونتر جراس، مؤكدين أن هذا الكاتب المبدع لا يدافع عن إيران كما يدعي البعض، لكنه يوجه تحذيرا وتنبيها حول تهديد أكثر خطرا وجدية يشكله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والحكومة اليمينية المتطرفة التي يقودها في إسرائيل. والعقلاء يعرفون أنه محق في ذلك.