توافدت الأطياف الدينية والأدبية والثقافية والرياضية والإعلامية لأداء صلاة الميت على مؤسس نادي الهلال ورائد الحركة الرياضية السعودية عبد الرحمن بن سعيد عصر أمس بمسجد الملك خالد بن عبد العزيز بحي أمام الحمام بالعاصمة الرياض، في مشهد مهيب أوفقت خلاله حركة السير في الطرقات المجاورة للمسجد أثناء السير بالجنازة إلى المقبرة التي لا تبعد سوى أمتار قليلة بعد أن أمّ مفتي المملكة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ المصلين وقدم العزاء لأسرة ابن سعيد.
ووقف المشيعون على قبر مؤسس الهلال في طقس حار ولهجت الألسنة بالدعاء والترحم على جثمان الفقيد الذي أفنى أكثر من 65 عاماً في خدمة دينه ومليكه ووطنه من خلال المناصب الإدارية التي تولى قيادتها على مستوى الدولة أو من خلال مساهمته في تأسيس الحركة الرياضية بالسعودية. وذابت الفوارق الرياضية في مشهد أمس والتقى أبرز المنتمين للأندية الكبيرة على كافة ميولهم، حيث وقف النصراويون والاتحاديون والأهلاويون والشبابيون وبقية منسوبي الأندية والنقاد الرياضيون على مسافة واحدة وفي خط واحد مشاركين في تشييع ودفن جنازة (أبومساعد).
وتسابق عدد من وجهاء المجتمع الرياضي تقدمهم صالح بن ناصر ومنصور الخضيري، وأعضاء شرف الهلال الأمير نواف بن محمد والأمير سعود بن ثنيان والأمير محمد بن خالد، ويجانبهم أجيال من اللاعبين طبع الزمن على وجوههم تغييرات كبيرة يصعب تذكرها من الجيل الحالي، بعد أن غيرت السنون الطويلة جزءا كبيراً من ملامحهم التي كساها الشعر الأبيض والاتكاء على العصا لبعض منهم، وهم من الجيل الذي ساهم مع ابن سعيد في قيام نادي الهلال وتحريك نشاط الرياضة السعودية بعد وضع لبناتها الأولى.
وتمازجت الأجيال الهلالية في مشهد مراسم (الدفن) أمس، إذ توالى ظهور جيل بعد جيل وكان لعبد الرحمن بن سعيد اليد الطولى في تقديمهم للكرة السعودية، كالرباعي صالح النعيمة ويوسف الثنيان وفهد المفرج وسامي الجابر، والأخير كان أكثر النجوم الهلالية تأثراً في مقبرة أم الحمام بعد أن كان أول المنزلين لعبد الرحمن بن سعيد في قبره مشاركاً بذلك أبناءه وأفراد أسرته، بعد أن كان لتسجيل الجابر في الهلال قصة شهيرة بين الراحل ووالد الجابر يمكن أن يطلق عليها قصة "الفنجال" بعدما رفض الأول احتساء قهوة ضيافة الثاني في منزله إلا بعد أن يلبي طلبه بالموافقة على تسجيل ابنه في النادي.
وظهر تاريخ الهلال في مقبرة أم الحمام أمس بكافة صوره وأشكاله كجزء من واجباتهم الدينية ورداً لوفاء عبد الرحمن بن سعيد في وقفته الدائمة معهم، وذلك بظهور القادة الهلاليين كسلطان بن نصيب وعبد الله فودة (العمدة) وخالد الدايل ومنصور بشير وعبد الرحمن التخيفي وإبراهيم اليوسف وصفوق التمياط وأبناء الدعيع عبد الله ومحمد وخالد أبو نيان ومنصور القاسم،
والقائمة تطول بعد أن تجاوزت المحيط الهلالي الفني والإداري الذين تقدمهم نائب رئيس مجلس الإدارة الهلالية الأمير نواف بن سعد وأعضاء مجلس إدارته الحالية والسابقة لتصل لناصر الجوهر وأحمد عيد ويوسف خميس وشقيقة سلطان، وجسور بشرية هائلة حاملة كل الاتجاهات، منها الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي عبد الله الوهيبي الذي شارك في التشييع وقطار طويل من رجالات الإعلام والصحافة والنقاد الرياضيين، وعلى رأسهم الناقد تركي الناصر السديري الذي كشف لـ"الوطن" أن تأثيرات رحيل مؤسس الهلال ستبرز آثارها قريباً وسيعرف الجميع ثقل الدور الذي كان يلعبه عبد الرحمن بن سعيد.