إصلاحات 2015
كان من الممكن أن تكون المملكة في وضع اقتصادي أصعب مع هذه الأزمة لولا الإصلاحات الاقتصادية التي بدأها ولي العهد منذ عام 2015، بما فيها تنويع مصادر الدخل عبر تنمية الإيرادات غير النفطية وتقليل الاعتماد على البترول والتركيز على الاستثمارات، وهو ما جنّب البلاد هذه الأيام سيناريو كارثيا كان ممكن أن يصل حد الإفلاس. وتعد مواصلة الإصلاحات الاقتصادية أولوية قصوى بالنسبة للدولة، فعلى الرغم من عمق الأزمة الحالية التي خلفتها جائحة فيروس كورونا المستجد على اقتصادها واقتصاد العالم، إلا أنه لا خيار أمامها سوى مواصلة الإصلاحات بجدية كاملة والمضي في معالجة الأزمة في إطار مؤسسي ومحترف. وتم تشكيل لجنة وزارية لدراسة المزايا المالية لمن لا يخضعون لنظام الخدمة المدنية الذي من شأنه أن يخفف من الإنفاق على الهيئات والمؤسسات والبرامج الحكومية، مما يسهم في تحمل جميع الموظفين الإجراءات المتخذة.
مسار التنمية
لم تلجأ الدولة إلى خفض علاوات أو رواتب الموظفين كما كان يقترح كثير من الاقتصاديين وكما كانت تتوقع الصحف الأجنبية كذلك، بل عالجت الأزمة بحكمة لا تضر المواطن ولا تؤثر على مسار التنمية. وجاء رفع نسبة القيمة المضافة من 5% إلى 15% كأحد أهم الخيارات التي ارتأتها الحكومة لزيادة مستوى إيراداتها، ذلك لكون أن السوق السعودية مفتوحة وتتعدد فيها خيارات السلع بكافة أشكالها، وبإمكان المواطن اختيار ما يشاء بما يتناسب مع رغباته وطريقة إنفاقه.
بدل مؤقت وليس دائما
بدل غلاء المعيشة أقرته الحكومة بصفة مؤقتة في وقت كانت مستويات التضخم عالية ومن أجل تعود الناس على نمط استهلاكي أمثل، ونظرا للأحوال الاقتصادية في العالم وتراجع مستويات المعيشة فقد انتفى الغرض من البدل. والبدل الذي طالته القرارات الاقتصادية الجديدة، يعد دعما إضافيا على رواتب المواطنين التي لن تطالها أية تغييرات، ويأتي توقيته في ظرف يمر فيه الاقتصاد العالمي في مرحلة تقترب من الكساد. ومن المهم أن يستشعر المواطنون في هذه المرحلة بأن العالم كله يعيش في أزمة اقتصادية، ولكون أن السعودية جزء من العالم فمن الطبيعي أن تتخذ عددا من الخطوات والإجراءات التي تعينها على مواجهتها والتعامل معها للحفاظ على تماسك الاقتصاد في ظل الظروف الحالية، وانخفاض أسعار البترول في السوق العالمية.
منع الكساد
في حال لم تتخذ مثل هذه القرارات المؤلمة واللازمة في هذه المرحلة تحديدا، قد تدخل المملكة في كساد لمدة طويلة ينعكس على عدم النمو وارتفاع نسب البطالة لأرقام غير مسبوقة، مما يؤدي إلى تبخر الإنجازات التي تحققت خلال سنوات الخمس الماضية، مثل ارتفاع نسبة تملك المواطنين في الإسكان من 43% إلى 57%، وتمكن الاقتصاد من إيجاد وظائف لأبناء وبنات الوطن، ونمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة 23%. كما أن اتخاذ قرارات صعبة ومؤلمة الآن سيسهم في المحافظة على القوة المالية للدولة ومدخراتها، مما يعطي الفرصة للعودة لرحلة النمو والتنمية مرة أخرى بشكل سريع وتحقيق مكاسب أكبر بدلا من الدخول في كساد طويل، وهو الأمر الذي يهدد العالم. ومن الطبيعي أن يرافق كل أزمة اقتصادية عدد من القرارات والإجراءات تبعا لحجمها ومستوى حدتها، ورغم ضخامة التداعيات التي خلفتها جائحة كورونا إلا أن السعودية اختارت أخفها ضررا على مواطنيها.
أزمة قاسية على العالم
القرارات الاقتصادية، بما تضمنته من تخفيض ميزانيات مبادرات برامج تحقيق الرؤية والمشاريع الكبرى بنحو 30 مليار ريال تأتي كإجراء طبيعي، ضمن خطط تخفيف التداعيات التي خلفتها أزمة جائحة فيروس كورونا المستجد، وبالرغم من هذا التخفيض إلا أن العمل عليها سيستمر دون توقف. ورغم الأزمات التي مرت على المملكة خلال السنوات والعقود الماضية، إلا أن الحكومة ظلت ملتزمة بالوفاء برواتب وبدلات موظفيها، ولم يحدث أن تأخرت عن صرفها في موعدها المحدد، وها هم جميع الموظفين يستلمون رواتبهم كاملة بالرغم من عدم ذهابهم لأعمالهم. والدولة وعلى مدار تاريخها، مرت بمنعطفات اقتصادية بالغة الدقة، ومع ذلك لم تتأخر يوما عن الوفاء بالتزاماتها المادية تجاه مواطنيها الذين كان لهم كذلك دور مسؤول في الأوقات التي تستدعي فيها وقفتهم إلى جانبها.
التكلفة الأكبر
منذ بدء جائحة فيروس كورونا، تحملت الدولة العديد من الآثار الاقتصادية الناجمة عن ذلك، ورصدت الدولة مبلغ 177 مليار ريال لتعزيز قطاع الصحة، وتخفيف أثر الجائحة على القطاع الخاص والمحافظة على رواتب الموظفين فيه. وتعوّل الدولة بشكل كبير على تفهم مواطنيها لقراراتها، خصوصا في ظل الأزمة الحالية، عرفانا منهم بالتضحيات والقرارات الشجاعة والمصيرية التي قامت بها منذ اليوم الأول في جهود مكافحة فيروس كورونا المستجد.
انخفاض أسعار النفط
لم تكن الصادرات غير النفطية للمملكة بمنأى عن تداعيات أزمة كورونا، إذ تراجعت منذ بداية أبريل إلى 22 أبريل بمعدل 31.7% بما يؤثر سلبا على الحساب الجاري، وتبعا لذلك الصناعة الوطنية ومنافستها في الأسواق الدولية. وفي ظل استمرار تداعيات أزمة كورونا من المتوقع استمرار انخفاض الطلب على النفط، وهو ما يعني انخفاض الإيرادات النفطية بشكل كبير مقارنة بالميزانية، لا سيما في ظل انخفاض عائداته لنحو الثلث. ومعظم الاقتصادات العالمية ليست متأكدة بعد من حجم الضرر الكبير الذي سيلحق بها لكون أن الأزمة الحالية تختلف جذريا عن غالبية الأزمات والصدمات السابقة. كما أن معدلات النمو المحلية في اقتصادات العالم ومنها المملكة ستتأثر سلبا على نحو كبير في عام 2020، ومن المرجح أن تستمر التداعيات لفترة طويلة.
حماية اقتصاد المملكة
أوضح وزير المالية ووزير الاقتصاد والتخطيط المكلّف محمد الجدعان، أمس، أهمية الإجراءات التي تستهدف حماية اقتصاد المملكة لتجاوز أزمة جائحة كورونا العالمية غير المسبوقة وتداعياتها المالية والاقتصادية بأقل الأضرار الممكنة. وأكد أن هذه الإجراءات تأتي استكمالا للقرارات المتخذة مسبقا للحد من تفاقم الآثار السلبية للأزمة من مختلف جوانبها الصحية والاجتماعية والاقتصادية.
3 صدمات
شدد وزير المالية على أن الأزمة العالمية لانتشار الجائحة تسببت بـ3 صدمات لاقتصاد المملكة، كل منها كفيل بإحداث تغيير مؤثر على أداء المالية العامة واستقرارها ما لم تتدخل الحكومة بإجراءات لاستيعاب هذه الصدمات. وتمثلت الصدمة الأولى في انخفاض غير مسبوق في الطلب على النفط أثر سلبا على مستوى الأسعار، وأدى إلى انخفاض حاد في الإيرادات النفطية التي تعد مصدرا كبيرا للإيرادات العامة لميزانية الدولة.
الصدمة الثانية
تمثلت في تسبب الإجراءات الوقائية الضرورية المتخذة للحفاظ على أرواح المواطنين والمقيمين وسلامتهم ومنع انتشار الجائحة في توقف أو انخفاض كثير من الأنشطة الاقتصادية المحلية، وانعكس ذلك سلبا على حجم الإيرادات غير النفطية والنمو الاقتصادي. بينما الصدمة الثالثة المؤثرة على المالية العامة فكانت الاحتياجات الطارئة على جانب النفقات غير المخطط لها التي استدعت تدخل الحكومة من خلال زيادة الاعتمادات لقطاع الصحة بشكل مستمر لدعم القدرة الوقائية والعلاجية للخدمات الصحية، إضافة إلى اعتماد عدد من المبادرات لدعم الاقتصاد وتخفيف أثر الجائحة والمحافظة على وظائف المواطنين. وبين الجدعان أن هذه التحديات مجتمعة أدت إلى انخفاض الإيرادات الحكومية، والضغط على المالية العامة إلى مستويات يصعب التعامل معها لاحقا، دون إلحاق الضرر بالاقتصاد الكلي للمملكة والمالية العامة على المديين المتوسط والطويل، وبالتالي وجب تحقيق مزيد من الخفض في النفقات، وإيجاد إجراءات تدعم استقرار الإيرادات غير النفطية، وبناء عليه قامت وزارتا المالية والاقتصاد والتخطيط بعرض التطورات المالية والاقتصادية والإجراءات المقترحة لمواجهة هذه التطورات، حيث صدر التوجيه باتخاذ أكثر الإجراءات ملاءمة وأقلها ضررا وأخفها حدة. وقد بلغ أثر ما تم إقراره من إجراءات 100 مليار ريال تقريبا.
إجراءات دعم الاقتصاد
01 إلغاء أو تمديد أو تأجيل لبعض بنود النفقات التشغيلية والرأسمالية لعدد من الجهات الحكومية
02 خفض اعتمادات عدد من مبادرات برامج تحقيق الرؤية والمشاريع الكبرى للعام المالي (1441/ 1442) (2020).
03 إيقاف بدل غلاء المعيشة بدءا من يونيو2020
04 رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة من (5%) إلى (15%) بدءا من الأول من يوليو 2020
05 لرفع كفاءة الصرف، تم تشكيل لجنة وزارية لدراسة المزايا المالية التي تصرف لجميع العاملين والمتعاقدين المدنيين ومن في حكمهم، الذين لا يخضعون لنظام الخدمة المدنية في الوزارات والمصالح والمؤسسات والهيئات والمراكز والبرامج الحكومية، والرفع بالتوصيات خلال (30) يوما من تاريخه.
ماذا كان سيحدث حال لم تتخذ مثل هذه القرارات في هذه المرحلة تحديدا
01 قد تدخل المملكة في كساد لمدة طويلة ينعكس على عدم النمو
02 ارتفاع نسب البطالة لأرقام غير مسبوقة
03 تبخر الإنجازات التي تحققت خلال السنوات الخمس الماضية كارتفاع نسبة تملك المواطنين في الإسكان
04 إحداث تغيير مؤثر على أداء المالية العامة واستقرارها
05 إلحاق الضرر بالاقتصاد الكلي للمملكة والمالية العامة على المديين المتوسط والطويل