ما زالت العلاقات الأمنية بين باكستان والولايات المتحدة الأميركية متوترة جدا على الرغم من محاولة السلطات الأمنية فتح صفحة جديدة في العلاقات بعد عملية جيرونيما في الثاني من مايو الماضي التي أدت لمقتل أسامة بن لادن . فقد أرسلت الإدارة الأميركية عضو مجلس الشيوخ ومرشح الرئاسة الأميركية السابق جون مكين بمهمة خاصة لإسلام أباد. وحالما وصل مكين العاصمة عقد اجتماعا مع رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني برفقة السفير الأميركي كاميرون مونتر. وطلب مكين رفع القيود المفروضة على تنقل الدبلوماسيين الأميركيين في باكستان واشتراط الحصول على إذن مسبق من وزراه الخارجية للسفر خارج إسلام أباد على أن يقدم الطلب قبل 5 أيام من السفر. لكن رئيس الوزراء رفض أن يصدر أية تعليمات حول إلغاء القيود على حركة الدبلوماسيين الأميركيين وأعلم مكين أنه سينظر في الأمر وسيناقشه مع المسؤولين الأمنيين. وهذا رفض مؤدب من جيلاني وهو يعني ضمنا أنه لا يستطيع رفع تلك القيود إلا بموافقة المؤسسة العسكرية التي تنظر بريب كبير لتنقلات الدبلوماسيين في باكستان لأن الغالبية العظمى منهم ينتمون للمخابرات المركزية الأميركية ولكن تحت غطاء دبلوماسي يعطيهم الحصانة وحرية الحركة. وتبرر وزارة الخارجية ذلك القانون على اعتبار أنه وضع لحماية الدبلوماسيين من المنظمات الإرهابية. وأكد الرئيس آصف علي زرداري خلال لقائه بمكين ،أن باكستان حريصة على علاقاتها مع الولايات المتحدة على أساس الاحترام المتبادل. وقال " إن باكستان هي الأسوأ تضررا من الحرب ضد الإرهاب فقد كلفتها الحرب 68 مليار دولار خلال السنوات الـ10 الماضية و 3500 شهيد".

وكانت المؤسسة العسكرية الباكستانية اتخذت قرار تقييد حركة الدبلوماسيين الأميركيين بالتشاور مع جيلاني وزرداري ضمن إطار الحفاظ على الأمن القومي.

وينص القرار على أن يذكر الدبلوماسي في طلبه تفاصيل جواز سفره والغرض من الزيارة وتاريخها ومحل سكنه عندما ينتقل من إسلام أباد إلى مدينة أخرى و تفاصيل عناوين الشخصيات التي ينوي زيارتها.

إلى ذلك أعلن حلف شمال الأطلسي عن مقتل 3 من جنوده إثر إنفجار على الطريق بشرق أفغانستان، مما يرفع عدد قتلى القوات الأجنبية في هذا البلد إلى 398 جندياً منذ مطلع العام الحالي.

ولم يكشف الأطلسي عن أماكن وهويات الجنود القتلى إلا أن معظم القوات الأجنبية المنتشرة في شرق البلاد من القوات الأميركية.

ويأتي التوتر الأمني في الوقت الذي، أعلن فيه الناطق العسكري باسم الحلف الأطلسي ،كارستين جكوبسن، في مؤتمر صحفي في كابول أمس أن تضييق الخناق على المتشددين والمسلحين في أفغانستان هذا العام تسبب في تراجع عملياتهم 20% في مقابل نفس الفترة من العام الماضي إلى جانب تراجع تسلل المقاتلين من باكستان إلى الأراضي الأفغانية.

وأضاف "أنه توجد أدلة تؤكد وجود قيادات ونشطاء طالبان داخل باكستان ولكنهم لا يريدون التسلل إلى أفغانستان بسبب تضييق الخناق على أنشطتهم العسكرية في هذا البلد".

وأشار إلى أن الوضع الأمني في أفغانستان لا تزال أمامه مشاكل وعراقيل لكن تضحيات القوات الأطلسية والأفغانية سيهيء الأجواء لتحسينها.

إلى ذلك قالت طالبان في بيان نشرته على موقعها أمس إن وضع الاقتصاد الأميركي وأعمال الشغب التي شهدتها بريطانيا الأسبوع الماضي كانا "بسبب حرب أفغانستان". واعتبرت طالبان أن إنفاق الولايات المتحدة وبريطانيا مئات المليارات من الدولارات في حرب مستمرة منذ عقد في أفغانستان كان وراء الوضع الراهن للاقتصاد الأميركي وأعمال الشغب في العاصمة البريطانية، وحثت القوات الأجنبية على الانسحاب من أفغانستان. وجاء في البيان "لا شك أن السبب الرئيسي للأزمات المالية والحرمان والشغب في الولايات المتحدة وبريطانيا، هو السياسات الإمبريالية ونوايا هذين البلدين". وأضاف البيان "إنهم ينفقون على تلك الحرب غير المبررة والتي لا أساس لها من أموال ضرائب شعوبهم وقد حولوا وجوههم بعيدا عن مشكلات الجماهير". وكرر البيان دعوة طالبان لانسحاب كافة القوات الأجنبية من أفغانستان، محذرة من أنها إذا لم تنسحب فإن المشكلات المالية الأميركية "ستدفعكم إلى هوة سحيقة مثلما حدث للاتحاد السوفيتي".