في بلادنا السعودية أدى الالتحام الوطني إلى صلابة تماسك شرائح الشعب السعودي خلف قيادة كيانه السياسية العادلة التي تتحمل واجب حماية قيم ومبادئ هذا الشعب الدينية وتراثه الحضاري بكل أشكاله وألوانه والذي يشكل هويته الوطنية الجامعة.
إن التاريخ مليء بأمثلة نجاح الالتحام الوطني لصد الأخطار وتحقيق الانتصار ، وقد سجل التاريخ أمثلة أخرى لشق اللحمة الوطنية فكانت النتيجة إلحاق الهزيمة والانهيار الذي أدَّى إلى الأفول و الاندثار . لعلنا نورد من أمثلة ونتائج التلاحم الوطني ما حققه الشعب الفيتنامي في حربه ضد فرنسا ثم أمريكا فيما عرف بالحرب الفيتنامية ( 1955 - 1975م ) ، وكذلك ما حققه الشعب العراقي في حربه مع إيران ( 1980 - 1988م ) وأيضاً ما حققه الشعب الجزائري في نضاله من أجل الاستقلال من فرنسا ( 1954 - 1962م ) والتحام سكان الجزيرة العربية حول الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله - حتى أنشأ لهم كياناً ودولة تمثل قارة سميت بالمملكة العربية السعوديه التي يستظل بها السعوديون اليوم ويقاتلون دفاعاً عنها لأنها هبة من الله ليكون لهم مكاناً وكياناً تحت الشمس.
أما أمثلة نتائج تشرذم واختراق وتفتيت اللحمة الوطنية للشعوب فإننا نجدها كثيرة ونتائجها واضحة في مسيرة الشعوب المعنية كالصومال واليمن وليبيا وسورية والعراق التي تحولت إلى شعوب مشردة تتعرض للغزو والفقر بسبب تفكك وتفتت التحامها الوطني. ولعل من المفيد أن نورد بيت شعر للمهلب بن أبي صفرة عندما قال: " كونوا جميعاً يا بَنِي إذا اعترى ،،،، خطب ولا تتفرقوا آحادا .
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً ،،،، وإذا افترقن تكسرت آحادا .
إن من أهم طرق هدم اللحمة الوطنية وتفتيتها لتحقيق الغلبة والانتصار على الشعوب هو الغزو العسكري والغزو الثقافي والفكري وهدم المبادئ والقيم والغزو الاقتصادي لنهب ثروات الشعوب وإفقارها وتهديد الكيان الوجودي والسياسي لأي شعب إلى غير ذلك من الأساليب الأخرى ولكنني سأقتصر على اللحمة الوطنية في بلدي المملكة العربية السعودية لأقول بحق بأنها متماسكة كالصخرة الصماء في صلابتها تتحطم عليها كل أحلام الأعداء من المخططات والمؤامرات والدسائس، وسبب كونها بهذا القدر من الصلابة أن شعبها أصالته وجذوره واحدة وديانته واحدة وتراثه وجيناته وصفاته الحضارية واحدة، ودولته عادلة فكان تلاحمه الوطني القوي يعبر عن إدراك هذا الشعب السعودي وقناعته التامة بسلامة قرارات قيادته الوطنية وحكمتها في صد وإفشال كل ما يحاك ضد بلاد الحرمين من مؤامرات بدافع الأحقاد الدفينة والحسد والابتزاز وكل أشكال المكر والعدوان.
إن هناك في الداخل والخارج من هو مِعْوَلُ
هدم لجدار اللحمة الوطنية مستخدماً أهم الوسائل المؤثرة وهي الإعلام لزراعة الطبقية والنظرة الدونية بين أبناء الشعب السعودي ولإبراز الدليل على ذلك نجد وسائل الإعلام المعادية تنبح ليلاً ونهاراً لأجل اهتزاز الثقة بين الشعب السعودي وقيادته وقد فشلت وتحطمت خططهم وآمالهم على صخرة التلاحم الوطني، ولكن المشكلة الأخرى أن هناك بعض وسائل تطعن بخناجرها من حيث لا تدري في ظهر اللحمة الوطنية ومُسَلَّمَات الخط السياسي الوطني السعودي وتحقق بغباء ما لا يستطيع الأعداء تحقيقه، ودليلي على ذلك بعض المسلسلات الرمضانية التي رفضت محطات تليفزيونية لدول أخرى عرضها رغم أن أحداثها وقعت على أراضيها، كذلك نجد في بعض هذه المسلسلات من يوحي بأن شريحة من سكان المملكة يتصفون بالسذاجة والغباء والبلاهة ويسخر من كرمهم وفزعتهم ونخوتهم وإخلاصهم، ويصنف المواطن المكافح المبلغ عن الفساد والغش بأنه ملقوف، في حين أن هذا من واجباته الوطنية.
إن المتابع لهذه المسلسلات يجد فيها من يسخر من أصحاب اللهجة الذين يستخدمون حرف السين الخفيفة أو المثقلة أو الشين عند مخاطبة المرأة وهم لجهلهم لا يعلمون بأنها لهجات لغوية عربية سليمة، وهناك في بعض المسلسلات الرمضانيه من يريد أن يقنع المجتمع بأن المثليين لهم وجود بيننا وأن هذا طبيعي ولهم حقوق تحت غطاء ومبررات القيم الإنسانية، وفي بعض الأفلام والمسلسلات نجد أن هناك من يريد أن يصبغ المجتمع السعودي في الشمال أو الجنوب أو الشرق أوالغرب أو الوسط بصفات قُطَّاع الطرق (حنشل) شيمتهم الغزو والقتل والسلب والنهب والصراع لأجل إكراه امرأة على زواج أو ترويج وبيع المخدرات أو تهريب سلاح وخيانة وطن أو لتفعيل وتشجيع انتهازية بغيضة تباع فيها المبادئ والقيم ولعل ما ورد في مسلسلات مثل "أم القلايد" الذي تم تصويره في قرية من أعرق القرى التراثية في عسير ، وملخص فكرته أن أهل القرية يُهَرِّبون المعادن والآثار من قريتهم قبل أن تنزع الدولة ملكيتهم منها ، ويكيدون لبعضهم المكائد الشيطانية الخبيثة من أجل حرمان الضعفاء من حقوقهم في تعويض نزع الملكيات، وهذه المكائد لا تعترف بدين ولا قيم ولا أخلاق ، ففيها قتل وقذف واختطاف واحتجاز ووشاية وهذه جريمة في حق سكان تلك القرية الكرماء وتراثها الحضاري ووصف لشريحة مجتمعية بما ليس فيهم. وهناك فيلم بمسمى "عيال صالح" تم تصويره في قرية تراثية عريقة أخرى في عسير وملخص فكرته أن أهل القرية كلهم عصابات لصناعة وترويج بيع السلاح والمخدرات تحت ستار الدين والعمل الخيري.. وهذا افتراء على الدين والمجتمع وكل الجمعيات الخيرية.
إن مثل هذه الأعمال الفنية الهابطه تنفذ للأعداء ما يريدون من إشاعة الطبقية وإظهار المجتمع السعودي بأنه تخلى عن القيم والمبادئ التي أمر بها الإسلام وسار عليها حكام هذه البلاد أعزهم الله وأعانهم على حمل الرسالة وتأدية الأمانة وخدمة البلاد والعباد وقد فعلوا.
إن أبناء الشعب السعودي العظيم وولاة أمره الأخيار وعلماءه الأطهار لن يرضوا بأي إساءة أو تهديد إلى الشعب السعودي ولحمته الوطنية.