مُنيت شركات الوساطة العاملة في السوق المصرية بخسائر فادحة تفوق تلك التي تكبدتها أثناء الأزمة المالية العالمية في 2008، بعد تلقيها ضربات موجعة بداية من اندلاع ثورة "25يناير" ثم تعليق التداولات لمدة 55 يوماً متواصلة، ومروراً بالتوترات السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد حالياَ. وقال عدد من رؤساء شركات الوساطة الذين تحدثوا لـ"الوطن"، إن الشركات فقدت توازنها تماماً وتعاني أزمة حقيقية، خاصة بعد إيقاف التداول بالبورصة لمدة شهرين والتوترات السياسية، مما دفع بقيم وأحجام التداولات للتراجع بنحو 53% خلال النصف الأول من العام الجاري، وهو ما أكدته البورصة في تقريرها نصف السنوي، مما أدى إلى انخفاض حجم أعمال شركات الوساطة بنسبة 50% وتراجع أرباحها، وفقاً لتقرير هيئة الرقابة المالية المصرية.
وأكد رؤساء شركات الوساطة، أنهم أُجبروا على خفض العمالة وتخفيض الرواتب بنسبة 40% وتقليص عدد الفروع لخفض النفقات في ظل تراجع الأرباح في محاولة لمواجهة تلك الأزمة القائمة. وهناك نحو 140 شركة أوراق مالية بالسوق المصرية يعمل بها 20 ألف عامل، تعاني انخفاضا حادا في الإيرادات، وأغلبها يعاني من تحقيق خسائر مما جعلها تتعرض لضغوط كبيرة، لدرجة دفعت بعض الشركات إلى التفكير في تجميد نشاطها لفترة أو بيع رخصتها.
يقول رئيس مجلس إدارة شركة "الجذور" للسمسرة في الأوراق المالية محمود شعبان لـ"الوطن"، إنه لجأ مؤخراً إلى تقليص عدد أفرع شركته، مشيراً إلى أن الشركة شأنها شأن باقي مثيلاتها بالسوق تعاني تراجعاً حاداً في الأرباح وهو ما سيظهر في الميزانية مستقبلاً.
وأضاف شعبان أنه اضطر إلى خفض رواتب الموظفين بنسبة 40%، بدلاً من الاستغناء عن جزء منهم، مشيراً إلى أن استمرار ضبابية الموقف السياسي يعرض 20 ألف عامل في هذا المجال للخطر.
من جانبه أكد رئيس شركة "مينا" للسمسرة في الأوراق المالية سمير ذكريا، أن حجم أعمال الشركات بالسوق تراجع بنسبة 50%، وقال "هو ما نلمسه حالياً نتيجة الخسائر الحادة التي منيت بها البورصة وخروج عدد كبير من المستثمرين من السوق". وأشار إلى أن تقليص عدد الأفرع وخفض النفقات بات الحل الأمثل لمواجهة الأزمة، لافتاً إلى أن الشركات ترفع حالياً شعار الاستمرار والبقاء، بديلاً عن التوسع انتظاراً لتعافي السوق. فيما يقول العضو المنتدب بشركة"بريزما" للسمسرة خليفة محمود، إن منظومة العمل داخل شركات الأوراق المالية تغيرت بسبة 80% بعد الثورة، خصوصا مع حالة التذبذب التي تمر بها البورصة، وصعوبة استقطاب مستثمرين جدد كنتيجة طبيعية لحالة عدم الطمأنينة من الإقدام علي سوق مليء بالمخاطر.
في حين يقول نائب رئيس "الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار" محسن عادل لـ"الوطن"، إن خسائر شركات الوساطة تتفاقم مع استمرار انخفاض أحجام التعاملات، وهو ما دفعها إلى تقليص هذه الخسائر عن طريق تخفيض المصروفات بكافة الطرق، ومنها تخفيض الرواتب، مضيفا "هناك 140 شركة أوراق مالية تعاني انخفاض الإيرادات وبعضها من تحقيق خسائر، وبات تسريح جزء من العمالة الموجودة لديها الحل الأمثل".