لابد من القول بكل صراحة وبصوت مسموع إن زيارة السيد الحبيب الجفري للقدس الأسبوع الماضي قد أوقعته في خطأ، فقد أفادت إسرائيل في دعايتها لزيارة القدس، لأن في ذلك إلهاء للعرب عن المطالبة بها ومن ثم لإحباط عزيمة الصمود الفلسطيني. إنه أمر غريب أن تدعو إسرائيل العرب للصلاة في القدس بينما تمعن في منع أصحابها الفلسطينيين من الصلاة في حرمها، لذا فالمطلوب الآن من الداعية الجفري، بما نتوسمه فيه من خير، الرجوع إلى الحق فيسرع في تضميد الجرح الذي سببته الزيارة في الوجدان الفلسطيني والعربي. أتت هذه الزيارة في ظروف غير مناسبة، فهناك دعوات فردية تطالب بتشجيع زيارة القدس بدون أي غطاء من الجامعة العربية. في مقابل ذلك تزداد معاناة إخواننا الفلسطينيين في كل يوم من بطش إسرائيل، وفي نفس الوقت لا يرى الفلسطينيون أية فائدة منها مما جعلهم يطالبون العرب أن يأتوهم فاتحين وليسوا مطبعين.
الأمر الغريب أنه رغم إجماع علماء المسلمين بجميع أطيافهم على عدم زيارة القدس تحت أسوأ أنواع الاحتلال، فقد ظلت مؤسسات الفتوى وجمعية علماء المسلمين بعيدة عما تثيره دعايات الزيارة، لذلك يتوجب عليها أن تسرع بإصدار بيان الرأي الشرعي تجاه دعاية زيارة القدس، وبذلك سوف يمتنع أي أحد من اتخاذ قرار فردي يتسبب في ضرر الفلسطينيين.
لقد سبق أن واجه الدكتور محمد العريفي نقداً كبيراً لإعلانه زيارة القدس لتقديم برنامجه منها. ورغم أنه قصد من ذلك دعاية لبرنامجه، إلا أنه قوبل بامتعاض ورفض بسبب استخدامه للإثارة في غير محلها، لذلك فإن الضرر الآن لهو أكبر من الإثارة فتألم منه وجداننا، لأنه يصب في مسار التطبيع. إن الرجوع إلى الحق فضيلة تضمد الجرح الشعبي الذي زاد نزيفه بعد الزيارة.