وعلى الرغم من معاناته من انهيار أسعار النفط ووباء الفيروس التاجي، يحرص الرئيس بوتين على إنهاء المناورات العسكرية السورية بإعلان الانتصار، ويضغط على الأسد بأن يظهر مرونة أكثر في المحادثات مع المعارضة السورية من أجل الوصول إلى تسوية سياسية لإنهاء هذا الصراع الذي استمر قرابة عقد من الزمان.
رفض التنازل
وأثار رفض الأسد التنازل عن أي سلطة مقابل اعتراف دولي ومساعدات بما يقارب مليارات الدولارات لإعادة إعمار سورية، معارضات شعبية ضد الرئيس السوري هذا الشهر في صحف روسية على صلة ببوتين، في حين يلفت احتقان بوتين وغموض الأسد النظر إلى المعضلة التي وقعت فيها روسيا فكلا الجانبين يعرف أنه لا يوجد بديل في الوقت الحالي للزعيم السوري للوصول إلى اتفاق.
وعندما استخدم بوتين تدخله الناجح عام 2015 في سورية لاستعادة نفوذ الحقبة السوفيتية كمحرك رئيسي للبيدق الشرق أوسطي، فقد قام الأسد بمناورة بين موسكو وداعمه العسكري الرئيسي الآخر إيران، لإحكام قبضته على السلطة، مستفيداً في ذلك من القوة العسكرية والدبلوماسية الروسية ضد تركيا ورغبتها في توسيع وجودها في مناطق المتمردين في شمال سورية حيث عمل على استعادة السيطرة على البلاد بأكملها بدعم من بوتين.
النقد المفتوح
ونفى ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين أن يكون بوتين غير راضٍ عن الأسد لرفضه التسوية مع المعارضة السورية في المفاوضات الأخيرة من أجل الحصول على تسوية سياسية، غير أن ما بدا خلف الكواليس أظهر ضغطاً روسياً على الأسد لعدة سنوات، من أجل الموافقة على بعض التنازلات السياسية لكي يكسب تأييد الأمم المتحدة لإعادة انتخابه المتوقعة في عام 2021، فيما اعتبر الانتقاد الروسي العلني لحليفتها السورية بمثابة تغيير حاد في النهج.
إشارة قوية
ذكر سياسي قريب من الكرملين أن الانتقاد الروسي يشكل إشارة قوية إلى القيادة السورية، فيما قال آخر مقرب من الزعيم الروسي إن بوتين ينظر إلى الأسد على أنه شخص عنيد، وقد خيب أمله واستخدم وسائل الإعلام المتصلة ببريجوزين لنقل ذلك، وتابع: "ولكن في الحقيقة لا يمكننا التخلي عن الرئيس السوري لأنه لا يوجد حليف آخر قابل لتحمل هذه المسؤولية في سورية.
في المقابل لم يكن هناك رد فعل سوري رسمي ولم تذكر الصحف السورية التي تسيطر عليها الدولة أي شيء عن الانتقادات الروسية، كما لم يرد سفير سورية في موسكو رياض حداد على طلبات البريد الإلكتروني للتعليق على الموضوع.
عند الأسد
قال مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا جوست هيلترمان في اجتماع الأزمات الدولية ببروكسل، إن الأسد كان دائمًا عنيدًا أمام الخضوع للضغط الروسي لأنه يعرف أن سورية أكبر من أن تضعف أمام روسيا، وتابع إن ما "يبدو أنه حملة إعلامية روسية غير مسبوقة بتأييد الحكومة ضد الأسد قد تعكس صورة مدى الإحباط في موسكو في الوقت الذي تكون فيه القضية السورية أقل أهمية للتفكير فيها".
انتقادات حادة
نشرت إحدى وسائل الإعلام المرتبطة بيفقيني بريقوزين المعروف باسم "شيف بوتين" لتقديم الطعام لعقود في الكرملين، مقالًا عبر الإنترنت يهاجم الأسد باعتباره فاسدًا، كما أشار إلى استطلاع يظهر أنه حصل على دعم 32% فقط، بينما أدرج عددًا من البدائل المحتملة من داخل النظام السوري والمعارضة.
اختفى المقال من موقع وكالة الأنباء الفيدرالية بسرعة، ولكن بعد أيام نشر مجلس الشؤون الدولية الروسية وهو مركز أبحاث للسياسة الخارجية أنشأه الكرملين تعليقًا ينتقد الحكومة في دمشق باعتبارها تفتقر إلى "نهج بعيد النظر ومرن" لإنهاء الصراع.
وقال ألكسندر أكسينيونوك الدبلوماسي الروسي السابق ونائب رئيس المجلس في مقابلة عبر الهاتف: "إذا رفض الأسد قبول دستور جديد، فإن النظام السوري سيعرض نفسه لخطر كبير"، مضيفاً أن المحادثات التي تقودها الأمم المتحدة في جنيف بشأن إعادة صياغة الدستور السوري لإدخال بعض المنافسة السياسية بدأت أخيرا في أواخر العام الماضي، ووصلت على الفور -تقريبا- إلى طريق مسدود عندما قام الجانب الحكومي "بتخريب المفاوضات عمدا".
فشل الجولة
قال المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسورية جير بيدرسون لمجلس الأمن حينها إن الجولة الثانية فشلت في الخروج من الميدان لأن معارضي الأسد أرادوا البدء في مناقشة المسائل الدستورية، بينما رفض مسؤولو الحكومة السورية ذلك، لافتاً إلى أن تحذيرات من موسكو تعكس الإحباط بين مجتمع الأعمال الروسي من الفشل في دخول الاقتصاد السوري، في حين تدرك روسيا أيضا مدى صعوبة الوضع في البلاد مع فشل الأسد في توفير السلع الأساسية بسبب جائحة الفيروسات التاجية.
لماذا روسيا غاضبة من الأسد؟
- الأسد لا يعبر عن امتنانه للتدخل الروسي في بقائه
- رفضه التنازل عن أي سلطة مقابل اعتراف دولي
- لا يظهر أي مرونة في المحادثات مع المعارضة
- لا يساعد للوصول إلى تسوية سياسية لإنهاء الصراع
- رفض الأسد البدء في مناقشة المسائل الدستورية
- دمشق تفتقر إلى نهج بعيد النظر ومرن للتسوية