يقف متابعو شاشات التلفزيون -يوميا- عند الساعة الثالثة والنصف مساء، على آخر المستجدات لفيروس كورونا في الإيجاز اليومي، بصيغة مختلفة، مع شخصية ذات ثقافة صحية إدارية، من نوع يعدّه الإعلاميون المتحدث الرسمي بشكل مختلف، تعطي ثقافة في الإلقاء والمعلومة، وتنوعا في إدارة المؤتمرات. لكن اللافت في شخصيته هو سرعة البديهة التي اكتشفها وزير الصحة في متحدث الوزارة في زمن كورونا، حتى تم تعيينه بعد أسبوع مساعدا للوزير، وعندما نطرح هذه الرؤية، فإنني أستشف منها عددا من المحطات أضعها أمام المتحدث الرسمي للجهات الحكومية الأخرى، للاستفادة من هذه المدرسة المهنية التي تم اكتشافها مع كورونا، وهي -بلا شك- نابعة من تأصيل ثقافي طبي عالي الجودة، يدرك معها المتابعون أن هذا الفن من الإلقاء والتحدث وصياغة الأفكار والبديهة ولغة الجسد، هي فنون لا يجيدها إلا أشخاص محددون، حتى تصنع كاريزما جذابة يحتاجها أهل الصحافة، ليتم التعامل معهم وفق أطر لها أبعاد تُدرّس في الجامعات، ويعرفها أهل الإعلام اليوم.

وزارة الصحة صنعت رجلا خَرّجته جائحة كورونا على مستوى رائع من التدفق المعلوماتي المتخصص الذي أبدع فيه العبدالعالي، خلال جمع المعلومة وحسن الصياغة، وإجادة العرض، وهو ما ينبغي لكل متحدث رسمي من أجهزة الدولة أن يدركه حتى يكون مؤثرا ومقنعا أمام الجمهور.

وكذلك يضاف إلى فراسة المتحدث أن يكون ذا بديهة عندما يُطرح عليه السؤال، أو يفاجأ بموقف، خصوصا في ظروف كهذه التي يعيشها العالم.


ما رأيناه خلال الشهرين الماضيين من تقديم نماذج للمتحدثين الرسميين على مستوى تعامل الدولة مع مستجدات كورونا، يُخبرنا أن مخرجات المتحدث الرسمي متفاوتة، وأن أجهزة الإعلام ومعاهده لم تقدم النماذج عالية الجودة، إلا خلال اجتهادات يقوم بها بعض قطاع العلاقات العامة والإعلام في الأجهزة الحكومية، دون مراعاة لضوابط المتحدث الرسمي، هذا ما جعلني أقف عند قدرات العبدالعالي وبعض من زملائه الذين أصبحوا نجوم المرحلة، ويتسابق الإعلاميون في طرح الأسئلة والاستفسارات عليهم، وهنا ميدان التنافس في إعطاء شهادة التفوق لأحدهم دون الآخر، وهي فرصة اليوم خلال هذا الوباء وتدفق المعلومات حوله، أن يرتفع سقف السباق نحو تقديم متحدث إعلامي له نجوميته، يختلف عن مسؤول يحضر ليقدم معلومات ويجيب عن سؤال أو سؤالين ثم يمضي.

إن مهنة المتحدث الرسمي مهنة إعلامية خطرة، تحتاج إلى ممارسة وتحضير واستعداد، لا يدركها إلا من خاض تجربة الإعلام طويلا، ويذكر في هذا المجال أمثال اللواء منصور التركي، وقبله الراحل سمو الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، فهي مدارس كبيرة تدرس مناهجها في الكليات والمعاهد الإعلامية حتى نحصل على متحدث رسمي مقنع، لكن العبدالعالي تجاوزها اليوم فأصبح نجما في دائرته، إلقاءً وحضوراً ومعلومات، وقدرة على قيادة المؤتمر الصحفي الذي ينتظره الجميع يوميا، وستعطي هذه الأزمة فرصة للآخرين إن توافرت لديهم الملكات والقدرات. وفّق الله الجميع، وكشف عنا هذا الوباء.