أهداني أستاذي الأستاذ الدكتور عامر الكبيسي كتابه (الإدارة العامة الجديدة: مقوماتها وقيمها وقواها) الذي استعرض من خلاله القيم الجديدة للإدارة العامة، بعد دخول العولمة متغيرًا مهمًّا على علم الإدارة العامة, والأستاذ الدكتور الغني عن التعريف أحد أهم الأساتذة العرب في التنمية الإدارية، بل من وجهة نظر شخصية يعد أحد أهم فلاسفة علم الإدارة العامة، والمدافعين عنه كعلم، ضد اجتياحه من قبل منظري إدارة الأعمال، ومؤيدي الخصخصة في كل شيء، وتسليم الأمور للشركات العملاقة.
في هذا الكتاب الصغير حجما والكبير مضموننا، ناقش الكاتب أهمية تطوير الإدارة العامة في البلاد العربية، التي تعاني (الشيخوخة البيروقراطية)، وألقى الضوء على (ندوات مينبروك الثلاث) التي عقدت في جامعة سيركيوز بولاية نيويورك، بإشراف من عالم الإدارة الكبير (دوايت والدو) على مدى ستين عامًا، بمعدل عشرين عامًا بين كل ندوة والتي تليها، تخللتها دراسة توصيات الأولى والثانية بعد تطبيقها وقياسها, وخلصت إلى قيم يجب أن تتحلى بها الإدارة العامة الجديدة؛ لتتجاوز (التقليد) إلى (المعاصرة)، و(التخلف) إلى (المواكبة)، وهذه القيم هي: العدالة والشفافية والثقة والمساءلة وحماية النزاهة.
فـ(العدالة التنظيمية) كما يراها الأستاذ عامر هي مبدأ الإدارة الأهم، وهي ضرورة العيش القصوى، وهي قبل ذلك أساس الحكم. فبين (العدالة) و(الظلم) لا وجود لـ(حياد)، ودون (الشفافية التنظيمية) لا يمكن أن يرى (فساد), وعند انعدام (الثقة التنظيمية) لا يمكن أن يكون هناك التزام بقيم لمهنة، ولا ولاء لوظيفة، وعندما تغيب (المساءلة) لن يكون هناك احترام لنظام أو قانون أو مسؤولية, أما عندما لا يشعر الموظف حسن الخلق ويقظ الضمير ونظيف اليد بـ(حماية لنزاهتة) فحتما لن تكون هناك مكافحة حقيقية للفساد الإداري.
تتويت:
قيم الإدارة العامة الجديدة نوقشت عالميا في ندوات مينبروك الثلاث من قبل علماء الإدارة ومفكريها، من مختلف الدول على مدى ستين عامًا، وهي موجودة في مجلدات ثرية ترجمت لغويًّا إلا للغتنا، وطبقت عمليا إلا في فكرنا الإداري العربي.