تمثل السياحة رافدا من أهم الروافد الاقتصادية لكثير من الدول في العالم، وتعد السياحة الجيولوجية أبرز أنواع السياحة المستحدثة في العالم، وتتميز المملكة بالكثير من المناطق الجيولوجية التي تثري هذا النوع من السياحة، وتملك منطقة عسير تكوينات جيولوجية تشبه المتحف الجيولوجي الطبيعي أو الحدائق الجيولوجية التي تنتشر حول العالم وتنتشر في 41 دولة بحسب منظمة اليونسكو، وتعد من المناطق الواعدة لتطوير السياحة الجيولوجية في المملكة، وأشبه بالكنز الذي ينتظر الظهور للنور.

الأعمدة البازلتية

أحد أبرز المواقع المميزة في عسير الأعمدة البازلتية في وادي يعوض في محافظة الحرجة، وقرية دبسا في محافظة البرك بمنطقة عسير.


وتعليقا على جيولوجية الموقعين قال الباحث علي آل حصوصة في حديثه إلى «الوطن» إن البازلت البركاني صخور نارية بركانية سوداء، عندما تبرد وتنخفض درجة حرارتها تبدأ في التشكل بأشكال هندسية رائعة، وعادة ما تظهر بأضلاع سداسية وبعضها ثمانية، وأيضًا مربعة، ويتراوح قطرها من بضع سنتيمترات إلى عدة أمتار.

وصف الهمداني

آل حصوصة أكد أن تلك الأعمدة البازلتية تقع ضمن سلسلة الجبل الأسود كما وصفها الهمداني في كتابه صفة جزيرة العرب، والتي تُعرف باسم سراة جنب، وهي سلسلة تمتد لمسافة 80 كم تقريبًا من شمال ظهران الجنوب حتى شمال سراة عبيدة، وتسمى تلك السلسلة عند هيئة المساحة الجيولوجية السعودية باسم حرة السراة، وهي حَرّة تقع في السعودية، ضمن نطاق منطقة عسير الواقعة جنوب غرب السعودية. وتبلغ مساحة الحَرّة 700 كم2، ويقع بها جبل فِرْواع الذي يرتفع نحو 3004 م، وجبل ظلم بارتفاع 2575م.

جدار مرتفع

أعمدة البازلت في أعلى قمة جبل وادي يعوض بمحافظة الحرجة يتراوح قطر العمود فيه من 40 - 50سم تقريبا، وتحيط بقمة الجبل من ثلاث جهات جنوبية وشرقية وشمالية، كما يوجد بعض منها في الجهة الغربية لكنها بمساحات صغيرة جداً، واللافت في الجهة الجنوبية أنها على شكل جدار مرتفع، ويقدر ارتفاع ذلك الحاجز بحوالي 20 مترا تقريبا وبطول 100 متر تقريبًا، وتعتبر عائقًا طبيعيًا في الصعود لقمة الجبل، كما أن الجهة الشرقية محاطة بتلك الأعمدة ومعظم الجهة الشمالية من الجبل.

براكين

يؤكد الباحث الجيولوجي يحيى العسيري لـ»الوطن» أن أعمدة البازلت هذه تكونت بفعل البراكين قبل ملايين السنين في مركز القحمة التابع لمنطقة عسير، وأماكن أخرى من منطقة عسير والتي تظهر من خلالها جمال جيولوجية المكان وسحره الأخاذ، سيما وأنه امتداد لعصور سابقة.

جذب سياحي

أوضح العسيري أن هناك العديد من التكوينات الجيولوجية الجميلة في تهامة عسير تشمل مركز القحمة وقرية دبسا التابعة لمحافظة البرك وتقع في الجزء الشمالي منها وعلى بعد 10 كيلو مترات تقريبا، وأنها تكونت بفعل البراكين قبل ملايين السنين، لافتا إلى أهميتها في أن تكون مناطق جذب سياحي مستقبلا.

وعورة الجبل

يشير أحد الصاعدين إلى قمة جبل مشرف في وادي يعوض بمحافظة الحرجة المواطن عبدالعزيز الموصم، إلى أنها تحتضن هذه الأعمدة، وأن تربته صالحة للزراعة، لكن استصلاحها يتطلب جهدا كبيرا نظرا لصعوبة الوصول إليه إلا باستطراق أماكن يعرفها سكان المنطقة هناك، وأقرب قرية للجبل قرية «ضبعة» يسكنها آل عبيد بني يزيد شريف قحطان ومن وعورة الجبل وتواجد بعض الحيوانات المفترسة فيه لم يجرؤ أحد على خوض مغامرة الصعود إلى قمة الجبل، عدا بعض أفراد من أهل الوادي وما جاوره. ولفت الموصم إلى وجود نبع فيه قمة الجبل به عدة عيون وتسمى إحداها بالقاطور، والجبل تتفرع منه السيول وقت هطول الأمطار على عدة أودية منها وادي ضبعة، وادي عبدالرحمن، ووادي الوقيرة ووادي الجايف الشهير، ويتضح لمن يبلغ قمة الجبل في حالة صفاء الجو محافظة بدر الجنوب في منطقة نجران، وتربته خصبة جدا وصالحة للزراعة.

الحدائق الجيولوجية

يشير مفهومها إلى الأراضي التي بها تكوينات جيولوجية فريدة وتعد نموذجا لتاريخ تطور جيولوجي محدد، وتقترح كل حديقة جيولوجية وطنية عنصراً تثقيفياً وافياً لمساعدة الزائرين على فهم تطور المناظر الطبيعية المحلية. وفي العام الماضي وصل عدد المواقع المدرجة في شبكة اليونسكو العالمية للحدائق الجيولوجية إلى 147 حديقة موزعة في 41 دولة.

وتنفذ الحدائق الجيولوجية أنشطتها في إطار شبكة اليونسكو العالمية للحدائق الجيولوجية. ومن بين هذه الحدائق الحديقة الجيولوجية دونهوانج في الصين، والتي تتمتع بتراث جيولوجي غني وقيمة علمية كبيرة، وكهوف زيهاندونج في الصين أيضا. وفي قبرص حديقة ترودوس في الجزء الأوسط من الجزيرة، والتي تتميز بقمة جبل أوليمبوس، وجزيرتا لانزاروت وشينكو في إسبانيا، وسيتيا في الجانب الشرقي من الجزيرة اليونانية، كريت.

السياحة الجيولوجية

السياحة الجيولوجية هي السياحة البديلة، والتي يمكن تصنيفها تحت مسمي السياحة الطبيعية. ويمكن أن تمارس في كل من المناطق الطبيعية والحضرية. والتركيز الرئيسي لهذا النوع من السياحة هو الاستخدام المستدام للجيولوجيا والمناظر الطبيعية كموارد لجذب السياح، وتوفير المعرفة الجيولوجية للجمهور والطلاب، وتشجيع إدراك قيمة الجيولوجيا وتطوير الإحساس بالمكان وقيمة حمايته.