اندلعت الأزمة، وما بين عشية وضحاها، وغمضة عين وانتباهتها، خلت الشوارع الصاخبة، وبدت الأماكن الأكثر ضجيجا كأنها معزولة عن خريطة العالم، أو كأنها مخابئ سرية للشياطين.

اكتظ البشر في منازلهم، خوفا على صحتهم، وإيمانا بدور وزارة الصحة التي تكاد تكون أفضل منظومة صحية في الشرق الأوسط، لا أتحدث عن الإمكانات البشرية ولا التقنية، بل حسن التدابير الوقائية والاحترازية «هنا بيت القصيد» أو «مربط الفرس»، كما يُقال، لا يهم، فالأهم هو تلك الكينونة الصغيرة داخل العقل المدبر والمنظم، قائد التغيير والتطوير.

لا شك يا معالي الوزير أنك تفوقت على نفسك بكل تأكيد -بفضل الله- أولا، ثم بمساندة جنود الصحة الأبطال، من طواقم طبية، وتمريضية وكوادر إدارية.


دعونا نشير هنا إلى إشادة منظمة الصحة العالمية بجهود المملكة، إذ إن وزارة الصحة شرعت فعليّا في إنجاز عدد من الخطوات الحثيثة، والفعالة تجاه تعزيز الصحة العامة والمحافظة عليها.

سيذكر التاريخ من أدار هذه الأزمة بالشفافية والدقة والعمل المتواصل، لم يحشد المطبلين، ولم يستعن بالتافهين والمرتزقة، فهو ليس مهووسا بشهرة، هو رجل إدارة أزمات، قياديٌّ مؤتمن، لا أودّ الاستمرار في مديح الجهود وحمدها، لأنني لن أتوقف حينئذ. ولكن، ماذا بعد الأزمة؟ هل سيكون العالم قبل كورونا هو العالم نفسه بعده؟!

لعل الحقيقة المؤلمة التي لا بد من المصارحة بها، هي أن هذه الجائحة التي خلّفت كل هذه الخسائر في الأرواح البشرية، ما زال لها عدد من التبعات التي لن تكون شيئا ذا أهمية إزاء صحة الإنسان، وهذه هي الفكرة الأجدر بالاهتمام والاحتفاء، ولكن من باب ذكر الشيء واستباق الأحداث سأفعل:

فمن الناحية الاقتصادية، سيتعرض الاقتصاد العالمي إذا انتشر فيروس كورونا على نطاق واسع -أكثر مما هو عليه الآن- إلى حالة من الكساد، فإن لم يتم احتواء تفشي المرض فربما نعود إلى الأزمنة البدائية الأولى.

في الحقيقة، ستتأثر أحوال الاقتصاد طوال العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين، حسب تحذيرات الصندوق الدولي الذي قال، إن «السيد كورونا» سيعرّض انتعاش الاقتصاد العالمي للخطر.

هل معنى ذلك أن هذا السيد المذكور سينافس أكبر وأخطر الأزمات الاقتصادية العالمية، مثل أزمة الائتمان 1772، والكساد الكبير 1929، وأزمة أسعار النفط 1973، والأزمة الآسيوية 1997، والأزمة الاقتصادية 2007 - 2008، وهي الأزمة الأشد اقتصاديّا منذ ركود عام 1997، لا أستطيع وصف السوق حينها!. ولكن باختصار، دُمرت الأسواق المالية في جميع أنحاء العالم ليستغرق تعافي الوضع الاقتصادي 10 سنوات.

حسنًا هذه مجرد «حقيقة» لا بد من معرفتها، والاستعداد لها.

نراكم على خير.