في هذه الأيام تعيش جميع مناطق المملكة نهضة تنموية شاملة، تنفذ فيها العديد من المشروعات الحيوية بكل مدينة، وقرية، وهجرة، ومن المتوقع أن تسير هذه المشروعات الخدمية والبلدية وفق خطة واضحة المعالم بحيث تراعي الأولويات، ولكن ما نعيشه في الميدان الحقيقي من مشروعات خدمية يختلف تماما عما نسمع عنه، أو نقرأ عنه في الصحف من حيث الكمية، أو النوعية، فكثير من البلديات تركز على المشروعات غير الملحة، أو غير الضرورية، ويتم تسويف، أو تأخير العديد من المشروعات الضرورية؛ فمشروعات تحسين كثير من المدن غير ضروري، ولا تحتاج إلى تحسين لفترة من الزمن، وما يصرف عليها من مبالغ يمكن الاستفادة منها في تنفيذ مشروعات أكثر أهمية غير مشروعات التحسين التي نسمع عنها، ولا نراها في الواقع الحقيقي؛ فكثير من المخططات التي تم منحها للمواطنين عن طريق البلديات منذ زمن طويل لم تتم سفلتة شوارعها، أو حتى عملية فتح هذه الشوارع، وكأن هذه المخططات ليست من مجالات اهتمام هذه البلديات، بل اكتفت بعملية التوزيع، وكثير من هذه المخططات أصبحت داخل المدن، ولكنها بدون خدمات، وإذا لم تكن هناك مطالبة من المواطنين أصحاب هذه المنح فلن يتم إنجاز إي عمل في هذه المخططات، وهذا لن يتحقق في غياب خطة طريق للأولويات في الأمانات، والبلديات، وهذه مشكلة إدارة المشروعات بالأمانات، والبلديات بالدرجة الأولى، وأرى أن يكون هناك تخطيط طويل المدى لمثل هذه المشروعات، ويتم تنفيذها تحت إشراف مباشر من هذه الإدارات، وتطبيق النظام في حالة تقصير الجهة المنفذة.

كما أن كثيرا من المشروعات البلدية والخدمية التي يتم تسليمها لبعض المقاولين المنفذين يتم تنفيذها في وقت أطول من الوقت الذي تحتاجه، وتتأخر كثيرا عن الوقت المحدد لإنجازها، ومع كثرة هذه المشروعات، والتأخير في تسليمها في الوقت المحدد لم نسمع أن هناك مقاولا تمت محاسبته على عدم الالتزام بالوقت المحدد، أو الإخلال بالمواصفات الواردة في العقد، والمتفق عليها، الجانب الآخر في هذا المجال هو تقسيم المشروع الواحد إلى مراحل مع أنه بالإمكان أن يتم تنفيذه في مرحلة واحدة، فكثير من مشروعاتنا الحيوية يتم تنفيذ جزئيا فقط، ولا تستكمل، فهي بذلك مشروعات مبتورة مثل مشروعات الطرق، أو الشوارع، أو غيرها من المشروعات، أما المشروعات الجديدة التي يتم تنفيذها فمستوى التنفيذ لم يصل إلى الحد الأدنى من المستوى المقبول، وتفتقر إلى جوانب الجودة سواء في المواد المستخدمة، أو في عملية التنفيذ، وهنا يتساءل المواطنون عن دور المهندسين المسؤولين عن متابعة هذه المشروعات، وأين محاضر متابعة واستلام هذه المشروعات التي تضمن مستوى عاليا لجودة العمل؛ حتى إن كثيرا من مشروعات السفلتة لا تنتهي أعمالها، أو حتى قبل نهايتها، أو تسليمها إلا وهناك أجزاء متحركة من الإسفلت، أو متشققة، وهذا دليل على أن الجودة غائبة، والإشراف والمتابعة غير موجودة، وهنا أتساءل لماذا سفلتة الشوارع التي تمت قبل أكثر من عشرين سنة صامدة، وسفلتة الشوارع التي تمت بالأمس القريب غير ثابتة؟! والملحوظات السابقة على هذه المشروعات تعد مسؤولية مشتركة بين المقاول المنفذ، وإدارات المشروعات بالأمانات، والبلديات.

وهناك مجلس بلدي يجتمع، ويوصي بالعديد من التوصيات التي لم ير النور عدد كبير منها، فلماذا لا يناقش أعضاء المجلس البلدي الموقر الاحتياجات الحقيقية، ومن ثم تطوير قائمة أولويات لتنفيذها من قبل إدارة المشروعات وفق آليات محددة، وبجودة عالية، وتتم متابعة ذلك مع البلدية، فنحن لا نريد أن نحصل على أرقام إحصائية عالية في عدد الاجتماعات، أو الإنجازات للمشروعات البلدية، وبجودة متدنية، فهي بذلك عبء على البلدية في مجال الصيانة مستقبلا.

الجانب الآخر الذي أتمنى أن تنظر له الأمانات، والبلديات بنوع من الاهتمام بشكل أكبر هو الحدائق العامة؛ حيث عدد الحدائق محدود جدا في كثير من المدن، والمحافظات، وفي حالة وجود بعضها فهي تفتقر إلى الخدمات الأساسية، وليس لها صيانة بشكل مستمر، كما أن تخطيطها، وتصميمها، وتنفيذها غير مناسب لاحتياجات المواطن؛ لأنها مكشوفة تماما، ولا يوجد بها ممشى، أو أماكن لممارسة الرياضة التي نحن بأمس الحاجة لها في وقتنا الحاضر، وهنا أقترح أن تقوم الأمانات، والبلديات بمراجعة المخططات القديمة، وتحديد أراضي الحدائق المخصصة لها ثم تطويرها بشكل مناسب ليجد المواطن مكانا ملائما يقضي بعض الوقت فيه هو وأسرته، وأن يتم توزيع الاهتمام بهذه الحدائق بناء على الجهات الجغرافية الأساسية، ولا يتم التركيز على جهة دون الأخرى.

وفي مجال تقديم الخدمات البلدية للمواطن بعد وفاته، فمن الضروري أن يجد أقارب المواطن، أو المقيم بعد وفاته مقبرة تتوفر فيها خدمات مغسلة الموتى بشكل مناسب، وخدمات حفر القبور، وحراسة المقبرة، وغيرها من الخدمات الأخرى التي نجدها في مقابر بعض المدن الكبرى؛ فكل هذه الخدمات مسؤولة عنها الأمانات، والبلديات، ولا بد من التركيز عليها بشكل مناسب.