نعم، فبيت الله الذي لا يخلو من المعتمرين خالٍ اليوم، وشواطىء جدة التي لا تخلو من الناس خالية، ومقاهي باريس المعروفة بالازدحام خالية، ونيويورك المدينة المشهورة بصخبها وازدحامها خالية، وقوارب البندقية خالية.
في غضون شهر، بدّل الله النعمة التي كان العالم فيها، لا أدري هل هذا غضب من الله؟ اختبار؟ ابتلاء؟، لكني متأكدة أن في لحظات السكون هذه يجب علينا أن نراجع أنفسنا، فكلنا بشر خطاؤون، من أخطأ فليعتذر، من قسى فليلن، من أذنب فليستغفر، من قصّر في دينه فليتعبّد.
لنراجع أنفسنا، ولنحاول أن نصلح ما فينا، ولنتوسل إلى الله أن يفرج همّنا أجمعين. فلو كل شخص منا ترك العالم وما به من الناس، وانشغل في نفسه وفي علاقته بربه، وفي تطويرها، لكنا بخير مهما حدث، فأمر المؤمن كله خير.
يؤسفني، أنه قبل هذه الأزمة كان الناس مشغولون بالناس، وكنا نعيش في عجلة، أحرارا، بيدنا الاختيار، ونختار ألا نتأنّى، لم نقف لحظة مليئة بالشكر والتقدير لله -عزّ وجلّ- على نعمة الحرية. كان أمر خروجنا من البيت بأيدينا، ولم نشكر، وها نحن اليوم نفتقد تلك النعمة، فلعلّنا نتذكر.
لنجعل هذه الأزمة تخرجنا أوفياء أنقياء، ممتلئين بالشكر والتقدير لربنا أولا، ثم لأوطاننا ثم لجميع من نحب. فكلنا خائف اليوم من أن يفقد أحبته، فلنجعله عبرة غدا لنقدّر أحبتنا.
أرجوكم جميعا، اجلسوا في بيوتكم شاكرين لله، مستشعرين نعمة البيت، نعمة الصحة، نعمة الأهل، فلا ندري ماذا سيحدث غدا!.
لنأمل أن الغد جميل، لأن الله جميل، ولنُصلِّ ولندعُ ولنصمْ، إلى أن يتوب الله علينا.