رغم تصنيف الحرس الثوري الإيراني، منذ أبريل 2019، منظمةً إرهابية دولية، إذ يعدّ الراعي «الحصري» لكل الميليشيات الإرهابية الإيرانية في المنطقة العربية، ومنها الميليشيات الانقلابية الحوثية، إلا أنه حتى الآن لم يتم تصنيف الحوثيين «جماعة إرهابية»!.

اللافت أن القرار 2216 الصادر من مجلس الأمن، فرض عقوبات على شخصيات حوثية بارزة، ورغم ذلك لم تصنف الأمم المتحدة أو مجلس الأمن الجماعة الحوثية منظمة إرهابية، مثل القاعدة وداعش، لكن بعد الاستهداف الحوثي المتكرر للأهداف المدنية بمكة والرياض ونجران وجازان، والاستهداف المباشر للإنسان اليمني، وغيرها، هل سيتغير التعامل اليمني والعربي والدولي مع هذه الميليشيات؟ وما الموانع التي تعيق الإقدام على هذه الخطوة؟ ولماذا يبدو المجتمع الدولي مترددا في تصنيف الحوثي جماعة إرهابية؟!

المعروف أن غالبية الميليشيات التي تدور في الفلك الإيراني، تم تصنيفها من جانب أمريكا وكثير من الدول الأوروبية، جماعاتٍ إرهابية.


فحزب الله تم تصنيفه جماعة «إرهابية وإجرامية» من جانب الخارجية الأمريكية، نظرا لنشاطه في تجارة المخدرات بأمريكا اللاتينية وإفريقا وشرق أوروبا، كما أن حزب الله العراقي وميليشيات النجباء وعصائب أهل الحق وغيرهم، تمت إضافتهم إلى اللائحة الأمريكية والدولية للجماعات الإرهابية، بعد أن أثبتت المواقف والفرص المتعددة عدم قدرة وجدية الحركة في الانخراط بالعمل السياسي. فما الأسس القانونية التي يستوجب معها مجددا تصنيف الحوثي جماعة إرهابية؟

1- منذ سيطرة الحوثي على صنعاء في 14 سبتمبر 2014، وحتى قبل ذلك، مارست الميليشيات الحوثية القتل والإرهاب بحق كل الشعب اليمني، ارتكبوا في طريقهم للسيطرة على صنعاء مجازر بصعدة وعمران، وبعد ذلك في البيضاء والساحل الغربي ومحافظات الجنوب، واستعصت عليهم عدن بسبب دعم التحالف الدولي، وإطلاق عاصفة الحزم فجر 26 مارس 2015، وبعدها عملية إعادة الأمل.

2- قَتْل الحوثي المدنيين والأبرياء، واستخدام السلاح الثقيل لقتل المدنيين، كما في مدينة تعز، إذ وصفت كل المنظمات الحقوقية الدولية الحصار الحوثي لتعز بأنه يمثل قتلا متعمدا ضد المدنيين، وهي جريمة حرب كاملة الأركان، تتوجب فرض عقوبات دولية وعربية على هذه الجماعة الإرهابية.

3- أكثر من تقرير للأمم المتحدة، منها تقارير فريق المراقبيين الدوليين في الحديدة قال، إن الانقلابي الحوثي سرق آلاف الأطنان من المساعدات الإنسانية التي تقدمها الأمم المتحدة للشعب اليمني، ولم يكتف الحوثي بذلك، بل حرق كمية كبيرة جدا من الحبوب، كانت تكفي الشعب اليمنى ثلاثة أشهر متواصلة، وذلك في يوليو 2019، كما أن تعطيل الميليشيات الحوثية لموانئ الحديدة الآن يشكّل -وفق كل الأعراف الدولية وقوانين جنيف- جريمة حرب تستوجب أقصى العقوبات.

4- قَتْل الحوثي للمدنيين من المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين، والزجّ بهم في السجون، فضلا عن تجنيد آلاف الأطفال في جبهات القتال، كلها جرائم تؤكد أن سلوك الحوثي لا يختلف كثيرا عن سلوك القاعدة وداعش.

5- استهداف ناقلات النفط وتهديد الملاحة في بحر العرب وباب المندب والبحر الأحمر، ونشر آلاف الألغام البحرية، للإضرار بالملاحة العالمية، وهذه أعمال يجرمها القانون الدولي، كما يعدّ العدوان على السفن التجارية وناقلات النفط بمثابة أعمال عدوانية وإرهابية.

6- استهداف ميليشيات الحوثي الأحياء المأهولة بالسكان أكثر من مرة، وسط صمت على جرائمها بحق المدنيين في أكثر من مرة، أبرزها استهداف الأحياء السكنية بمدينة مأرب والجوف وأعيان القبائل اليمنية، واستهداف قبائل حجور خير مثال على هذا.

7- ربما أكثر الشواهد الواضحة للعيان، هو استهداف الحوثي للمطارات والأهداف المدنية، آخرها مدن الرياض ونجران وجازان، وعدد من محافظات اليمن بالصورايخ الباليستية، وسبق له استهداف مدن الحد الجنوبي بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، كلها أهداف مدنية تستوجب معاقبة الحوثي وفق القانون الدولي، الذي يمنع ويجرّم استهداف المناطق المدنية.

تردد المجتمع الدولي

رغم إدراك المجتمع الدولي عدم إيمان الحوثي بالسلام وبطاولة المفاوضات، إلا أنه حتى الآن لا توجد محاولات جادة لتصنيف الحوثي جماعة إرهابية، رغم توصية البرلمان العربي من قبل، وقد يعود السبب في ذلك إلى بعض الأوساط في الأمم المتحدة، التي تخشى أن تتعقد أى محاولات للحوار بين الحكومة الشرعية والحوثي في المستقبل، لكن الواقع على الأرض يؤكد أن الحوثي لا يعرف إلا طريق الإرهاب والقتل، وهو السلوك الوحيد الذي يعرفه الحوثي منذ أن كان في كهوف صعدة، لذلك فالمجتمع الدولي مدعوّ لممارسة كل الضغوط السياسية الممكنة لإجبار الحوثيين على العودة إلى طاولة المفاوضات، في ظل التعنت الذي تستمده من مواقف دولية متخاذله، ودعم إيراني متواصل.

لا خيار أمام المجتمع الدولي في هذه اللحظات، إذا ما رغب في إنهاء أزمة اليمن، فإما القبول بالعودة إلى طاولة الحل السياسي، أو يتبلور موقف دولي واسع بممارسة الضغط العسكري لإرغام الانقلابيين على تلك العودة.

ولهذا، يملك التحالف العربي كل الحقوق القانونية والمبررات الشرعية، لتخليص العالم من إرهاب الحوثي، ومن حق التحالف العربي تخليص الشعب اليمني ودول المنطقة من ترسانة الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، التي سرّبها الحرس الثوري الإيراني للحوثي في الشهور الأخيرة.

ولعل الأمم المتحدة تدرك -اليوم- خطأ التدخل أكثر من مرة، لمنع حسم المعركة وتحرير صنعاء طوال السنوات الـ5 الماضية، وأن هذا التدخل لم يحقق السلام بل أدى إلى مزيد من العمليات الإرهابية للحوثي، سواء ضد الشعب اليمني أو دول الجوار، أو حتى ضد المجتمع الدولي خلال استهداف الملاحة البحرية. كل هذا يفرض ضرورة الإسراع في تصنيف الحوثي جماعة إرهابية، وملاحقة قادته ومموليه وداعميه، سواء كانوا دولا أو جماعات.