لا شيء يفوق الذهب كأحد الأصول التي يمكن للإنسان ادخار أمواله فيها، فالمعدن الأصفر لم يتعرض لأي ضربات خلال السنوات العشر الماضية وارتفعت أسعاره خلال العام الحالي بنحو 23%.
ولكن إذا كان الذهب هو الأفضل، فلماذا لا يوجد زحام حول محال تجارة الذهب بهدف بيع مجوهرات استثمر فيها أناس خلال الفترة الماضية للحصول على أموال سائلة، مستفيدين من ارتفاع الأسعار؟
السبب منطقي للغاية، فتحويل الأموال إلى معادن نفيسة يعني التخلي عن توزيعات الأرباح أو الفوائد التي يحصل عليها المرء إذا ما استثمر أمواله في الأسهم أو الودائع البنكية بحسب خبير الاستثمار بول كلايترو.
ويضيف كلايترو أن "المستثمرين يحتاجون إلى تقييم قيمة العائدات المستمرة والأرباح المحتملة للبدائل الاستثمارية المتاحة أمامهم بالإضافة إلى احتمال استقرار أو حتى انخفاض أسعار الذهب في المستقبل".
وهناك سبب آخر وإن كان أقل منطقية يفسر لماذا لا يقبل الناس بكثافة على شراء الذهب كوعاء ادخاري وهو أنه طوال السنوات العشر الماضية لم يأت أي وقت كانت فيه أسعار الذهب منخفضة بصورة تجعل شراءه مغريا لأنها طوال الوقت ترتفع.
والجانب الآخر للمكاسب الكبيرة منذ يناير الماضي هو أن هؤلاء الذين باعوا حليهم الذهبية بعد موسم عيد الميلاد الماضي كانوا سيحصلون على قيمة أعلى بنسبة 23% لو أجلوا قرار البيع إلى الآن.
ويتوقع محللون وصول سعر الذهب من 1700 دولار للأونصة حاليا إلى أكثر من 2000 دولار العام المقبل.
وتقول ساندرا كلوز مديرة شركة "سوربيتون أسوشيتس ليمتد" للاستشارات التعدينية إن "الغموض هو صديق الذهب.. وكثير من العوامل التي تثير حاليا حالة من الغموض حول الاقتصاد لن تتلاشى سريعا".
ونظرة سريعة على سوق الذهب تقول إن مستقبله مشرق، فالطلب عليه يزداد بقوة وهناك حوالي 10 ملايين حالة زواج سنويا في الهند، التي تزداد ثراء ويعد فيها الذهب هدية تقليدية للزواج، كما أن المعروض في السوق يقل.
وفي أستراليا ثاني أكبر منتج للذهب في العالم بعد الصين وصل الإنتاج إلى ذروته عام 1997 مسجلا 318 طنا. وفي العام الماضي كان الإنتاج 266 طنا.
كما توقف الإنتاج في الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا عن النمو خلال السنوات الأخيرة. ولكن احتمالات الخطر قوية أيضا.
ويقول كلايترو :"إذا كنت تستثمر في الذهب لأن أسعاره ترتفع أو لأن آفاق الاقتصاد العالمي تبدو غامضة فعيك أن تقلق من احتمال انفجار فقاعة الذهب".
فالبنوك المركزية مثل البنك المركزي الصيني لديها آلاف الأطنان من الذهب ويمكن أن تطرحها في السوق لتنفجر هذه الفقاعة.
وقد حدث هذا من قبل وفي يوم واحد في نوفمبر 1997، عندما باعت أستراليا ثلثي احتياطياتها من الذهب. وإذا كان الذهب استثمارا آمنا وناجحا بالفعل، فلماذا لا يوجد إقبال على الاستثمار فيه في أستراليا بصورة أكبر مما هي عليه الآن؟
يتمثل أحد الأسباب في أن أي انخفاض حاد في أسعاره يعني خروج صغار المنتجين من السوق فورا، فمناجم الذهب مكلفة للغاية وكذلك العمالة. كما
أن سعر سهم شركات تعدين الذهب في البورصة لا يعكس دائما التغير في سعر المعدن الأصفر.
إذن فالذهب ليس الملاذ الآمن دائما للمستثمرين حتى في أوقات الأزمات.