من الأوصاف المستحقة التي توصف بها الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة أنها (الجامعة التي لا تغيب عنها الشمس) وسبب إطلاق هذا الوصف الدقيق هو احتضان هذه الجامعة العريقة لأبناء أكثر من (167) جنسية، وتعليمهم ليعودوا إلى بلادهم علماء، ومعلمين، ودعاةً، ومسؤولين. وفي ضوء التغيرات والتحولات المتسارعة في مختلف المجالات جاء الأمر الملكي الكريم في 3/3/1428هـ بأن يتولى معالي الدكتور محمد بن علي بن فراج العـقلا إدارة الجامعة؛ فجدد بمـا وهبه اللـه من مواهـب متعددة بناء نسيجها الداخلي، وراجع علاقاتها مع المجتمع المحـلي، والمجتمع الإقليمي، والمجتمع الدولي بمختلف أطيافه وتنوع أجناسه، وخلصها كثيراً من كل ما يكبل تحركاتها، ويعوق نشاطاتها، ويحجم من أدوارها، واستطاع بمساعدة من حوله من الرجال المخلصين أن يوصلها إلى آفاق جديدة في العلم والتقنية لم تصل إليها من ذي قبل.
الأسبوع الماضي سعدت طيلة ثلاثة أيام مع مئات غيري من داخل المملكة وخارجها، من الرجال والنساء ونحن نحضر في رحاب الجامعة الإسلامية افتتاح وفعاليات وختام مؤتمر (اللغة العربية ومواكبة العصر)؛ الذي حفل بمحاور دقيقة، وأبحاث رفيعة، وتوصيات قيمة، وتغطيات لائقة تابعها جميع المهتمين.. شخصياً شعرت وأنا في وسط الجامعة بلذة الترابط والانسجام والأنس والألفة والصداقة والمؤانسة، ولا غرابة فقديماً قالوا: "العلم ـ الشرعي وغير الشرعي ـ رحمٌ بين أهله"، وكانت من ثمرات هذه المصاهرة الشريفة أن جالست وتسامرت مع كثيرين ممن حولي من المدرسين والإداريين والمشاركين والدارسين، ووجدت أن في شمس الجامعة بعض الكسوف؛ وبحول الله تعالى سينجلي وينتهي سريعاً.. الكسوف الذي أقصده هنا هو عدم احتضان الجامعة لزوجات الدارسين بها لتعليمهن كأزواجهن، خاصة أن عدداً منهن يقمن معهم خارج أسوار الجامعة، ويدخل في ذلك أيضاً عدم تعليم الجامعة لغيرهن من بناتنا وأخواتنا بالمدينة المنورة.. الحقيقة أن المقام السامي لم يقصر أبداً، فمنذ ثلاثة أعوام وتحديداً في 3/2/1430هـ وافق على قرار مجلس التعليم العالي القاضي بالموافقة على إنشاء عمادة الدراسات الجامعية للفرع النسائي بالجامعة الإسلامية، حسب توصية مجلس الجامعة الداعية إلى ذلك.. وليسمح لي معالي الدكتور العقلا أن أوجه استفساري له؛ أين وصلت هذه الموافقة السامية؟
يا معالي المدير البشرى المنتشرة بين الناس هي أن الجامعة ستقوم العام القادم بتدريس الهندسة والحاسب الآلي والعلوم، وكمال بشراك هو في ألا تقصر الجامعة دورها الرائد على الرجال فقط، وأن عليها وقد توفرت الاعتمادات اللازمة أن تبدأ في ذلك سريعاً ولو بشكل تدريجي.
محبو الجامعة الإسلامية يشهدون بأن سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، وسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، وفضيلة الشيخ عبدالمحسن بن حمد العباد البدر، وفضيلة الدكتور عبدالله بن عبدالله الزايد، ومعالي الدكتور عبد الله بن صالح العبيد، ومعالي الدكتور صالح بن عبدالله العبود ـ رحم الله تعالى من تقدم، وحفظ من بقي ـ قدموا جهدهم المستطاع في المحافظة على سمعة الجامعة الإسلامية، ويعولون بعد الله ـ سبحانه وتعالى ـ على أخيهم الدكتور محمد العقلا، وعلى فريقه المتميز في أن تحقق الجامعة الإسلامية رؤيتها السديدة وهي (أن تكون منارة معرفية إسلامية عالمية رائدة متميزة في العلوم الشرعية والعربية وسائر مجالات المعرفة) وبحول الله تزداد شمس الجامعة الإسلامية سطوعاً وضياء.