باتت البيوت المهجورة التي تنتصب وسط الأحياء أرقا يزعج جيرانها، ويشكل هاجسا لهم، خصوصا وأنها تحولت بحكم طبيعتها إلى مأوى للمخالفات والممارسات غير السليمة، حتى شاع استخدامها في بيع وترويج المخدرات بالاستفادة من بعدها عن الأنظار، وصعوبة أو عدم قانونية الدخول إليها دون إجراءات نظامية. واتخذ خارجون عن القانون من هذه المباني مقرات يستخدمونها في ممارسة أفعال غير أخلاقية، بينما ينظر لها آخرون على أنها مأوى للكلاب والحيوانات الشاردة، وملاذ للحشرات والقوارض، بما فيها الخفافيش التي قد تكون مصدرا لأمراض خطيرة، ناهيك عن الروائح الكريهة التي تنبعث منها في غالب الأحيان. كما يرى البعض في تلك البيوت المهجورة مأوى للجن، فيما يعتقد آخرون، أكثر واقعية، أنه يكفي للتعامل مع هذه البيوت على نحو جدي أنها تشوه المدن بصرياً، كما تشيع النفور والكآبة بين من يقطنون أو يمرون قريبا منها.

مطالبات

يطالب أبوعبدالله وهو أحد سكان حي انتشرت فيه بعض البيوت بفرض غرامات على أصحابها حال عدم استخدامها بطريقة بعيدة عن الشبهات، بينما يطالب أبومازن بنقل «ملكية هذه البيوت إلى الدولة في حال لم يظهر صاحبها خلال 5 سنوات أو أكثر، على أن يتم تعويضه من قبل الدولة في حال ظهر بعد تلك المدة». بدورها، تشير منال إلى وجود منزل مهجور جوار منزلها، وتقول: «لاحظت فيه حركة تثير الريبة.. أهل الحي يزعمون أنه منزل يسكنه الجن». أما ابتسام، فتشتكي من أن «الخفافيش» استقرت في أحد البيوت المهجورة واتخذتها مخبأ لها وطالبت بإيجاد الحلول، لأن الخفافيش قد تكون مصدرا لأمراض خطيرة.



تحفظ

تحفظ مواطنون، إزاء المخاطر والتشوهات البصرية التي تشكلها المباني المهجورة، خصوصا التي يقع كثير منها قريبا أو في أوساط المدن التاريخية، ويرون كذلك أن وجودها إلى جانب مبان أو مشاريع حديثة يشكل عامل نفور وعدم تجانس واضحين، ولذا طالبوا بسرعة تصحيح أوضاعها، مقترحين إما إزالتها، أو معالجتها، وإلزام الملاك بذلك، واصفين هذه المباني المهجورة بالنقاط «السوداء» في الوجه الناصع للمشاريع التطويرية في أوساط المدن التي تستقطب زوارا وسائحين. واقترح آخرون تملك تلك المباني من قبل الدولة واستخدامها مواقف للسيارات، أو استثمارها كتوسعة لطرقات الحي، وحدائق وممرات للمشاة.

نزاعات

تتعدد أسباب هجران البيوت، فبعضها يموت أصحابها، وبعضها يطالها إهمال الملاك، وبعضها يهجرها أصحابهم نتيجة انتقالهم للمدن البعيدة، وبعضها لا تعود صالحة للسكنى نتيجة تقادمها وكلفة صيانتها، وبعضها يكون حصيلة نزاعات الأسر وخاصة «الورثة» عليها، خصوصا مع تمدد أزمنة حسم قضاياهم داخل أروقة المحاكم لسنوات عدة، الأمر الذي يستدعي إيقاف أي عمل في تلك المباني ريثما يتم الانتهاء من القضية المتعلقة بها، وفصل أطرافها بحكم شرعي.

تفتيش بأمر خاص

مع كل المخاطر التي تشكلها البيوت المهجورة، ومطالبات الأهالي بالتدخل بشأنها، وإيجاد حلول للخطر الذي تشكله نتيجة ما تشهده من مخالفات وممارسات، بيّن المتحدث الرسمي لأمانة جدة محمد البقمي لـ»الوطن» أن «الأمانة والبلديات الجهة المخوّلة لتفتيش هذه البيوت، ولكن لكونها «أملاكا خاصة» لا يتم اقتحامها أو تفتيشها دون صدور أمر تفتيش من الجهات الأمنية المختصة».

بدوره، أكد مدير العلاقات العامة والإعلام، المتحدث الرسمي في أمانة الأحساء خالد بوشل لـ«الوطن»، أن الأمانة تعمل ووفق برامجها وخططها الخدمية، وبشكل مستمر على حصر ومعالجة الجوانب المتعلقة بالمباني الآيلة للسقوط وتلك المهجورة عن طريق لجنة متخصصة لذلك تضم في عضويتها أعضاء من (المحافظة، الأمانة، مديرية الشرطة، إدارة الدفاع المدني)، وتباشر اللجنة أعمالها من خلال عدد من الضوابط والتعليمات.

وأكدت مصادر في اللجنة المعنية، أن اللجنة، أزالت أعداداً كبيرة من المنازل الآيلة للسقوط والمهجورة في مختلف مدن وقرى الأحساء، كما تعمل على الكشف على هذه المباني والتأكد من سلامتها وإزالة ما يشكل خطرا حتى لا يكون ذلك سببا في تعريض الأرواح والممتلكات للخطر، وذلك بعد منح أصحابها مهلة لتصحيح أوضاعها بصيانتها أو الموافقة على إزالتها.

مخاوف

مثل غيرها من المناطق شكلت المباني المهجورة بمنطقة جازان ومحافظاتها وقراها مشكلة مؤرقة للأهالي، خصوصاً مع غياب المعالجات الناجحة لأوضاعها، حيث أضحت تلك المباني التي انتشرت في عدد من أحياء مدينة جازان كالعشيما والجبل والقلعة والشامية تثير المخاوف من استغلال تجار المخدرات والمسكرات والمخالفين لها كنقاط جريمة. انضمت بعض الآثار المنسية مثل بعض القلاع وبقايا المنازل الطينية التي لم تتم المسارعة للحفاظ عليها وترميمها والاستفادة منها، إلى بقية المباني المهجورة، حيث تحول بعضها إلى أوكار جريمة وأماكن لفعل الفاحشة والاعتداءات الجنسية على الأطفال والقاصرين، كما أدى ذلك لتطاول البعض عليها بالتخريب. لم تقتصر مخاطر تلك المباني على مشاكلها الأمنية بل تعدت ذلك لتتسبب في عدد من المشاكل الصحية بدءا من تراكم المخلفات بها وانتشار الحشرات وبقايا الحيوانات النافقة وتحولها لمأوى للزواحف والثعابين التي تتسلل للمنازل المجاورة لها.

لا تقتصر المباني المهجورة على تلك المملوكة للعامة، بل تحولت بعض المباني الحكومية إلى مبان مهجورة بسبب إقفال بعضها دون تأمينها أو استثمارها، مثل بعض المباني المدرسية كمدرسة ديحمة الابتدائية القديمة، ومبنى مدرسة العامرة للبنات، وغيرها كالأوقاف غير المستغلة، وعدم استكمال بعض المشاريع مثل مركز صحي الجاضع.

تأخر

كشف رصد ميداني أجرته «الوطن»، أن منطقة عسير تضم عددا من المباني الكبيرة المعدة للاستثمار التجاري والسكني، والتي لم يُستكمل عملية تشطيبها بشكل نهائي، مما حولها إلى واجهات مشوهة، أخلت بحيوية مواقعها، وعطلت الاستفادة منها. كشف متابعون لـ»الوطن»، أن النزاعات بين الأسر وخاصة فيما يتعلق بمسائل «الوراثة» أوقفت كثيراً من مشاريع تلك المباني منذ سنوات طويلة، خصوصا مع استغراق القضايا المتعلقة بتلك المسائل زمنا طويلا في المحاكم قبل فصلها، مما استدعى توقف العمل في تلك المباني بانتظار الانتهاء من حسمها.

ملفات للدراسة

تابعت المصادر الكشف عن أن ملف المباني المهجورة كان أحد الملفات التي استعرضها المجلس المحلي في محافظة خميس مشيط على طاولته سابقا، حيث ناقش المجلس وضعها، وخاصة تلك القائمة منها على الطرق الرئيسية، وأوصى بمخاطبة الجهات المعنية بإلزام أصحابها بإزالتها أو ترميمها. من جانبها، شرعت لجنة مشكلة من أمانة عسير والدفاع المدني في حصر المباني القديمة والمهجورة والآيلة للسقوط في المنطقة وتصنيفها، وفق معايير تعمل عليها اللجنة لتحديد المباني التي ستطبق عليها الإزالة نظير خطورتها، وتحديد المباني الصالحة لتسليمها لهيئة السياحة والآثار للحفاظ عليها، وترميمها وتحويلها إلى منشآت أثرية.

أسباب حولت بعض المباني إلى مهجورة

ترك أصحابها لها

وفاتهم

غيابهم وفقدهم

عدم استكمال البناء

مبان حكومية متعثرة

مشاريع متعثرة

عدم صلاحية المباني

استخدامات خطرة للمباني المهجورة

أوكار لتوزيع المخدرات

ترتكب فيها جرائم جنسية

تؤوي المخالفين والمجرمين

ترمى فيها النفايات

تصبح ملاذا للحيوانات الضالة والشاردة

تنبعث منها روائح كريهة

تتحول إلى مأوى للحشرات والحيوانات الناقلة للأمراض

تشوه الجمال البصري للمدن والقرى