مع إرسال سفينة مستشفى عسكرية إلى نيويورك وتعبئة مهندسي الجيش والاستعانة بقانون يعود إلى الحرب الكورية، اتخذت الولايات المتحدة خطوة جديدة في مواجهة كورونا، وقدم دونالد ترمب نفسه على أنه رئيس "زمن الحرب". في حين بات لدى القوة العالمية الأولى التي تأخرت في بدء الاختبارات للتثبت من الإصابة بفيروس كوفيد-19، أكثر من 7300 حالة مؤكدة و115 وفاة، أعلن الرئيس الأمريكي أيضًا إغلاق الحدود مع كندا، ثاني شركائه الاقتصاديين، واستثنى من ذلك التنقلات الأساسية والسلع الضرورية. وهو يأمل في إعادة فتحها في غضون 30 يومًا. واعتمد ترمب الذي قلل من أهمية الوباء في البداية، بشكل متزايد لهجة أكثر جدية ومنذرة خلال الإحاطات الصحافية التي عقدها في البيت الأبيض. وقال "لقد دعي الأمريكيون من كل الأجيال إلى تقديم تضحيات من أجل خير الأمة"، مشيرا إلى التعبئة في صفوف الأمريكيين خلال الحرب العالمية الثانية. وأضاف "الآن حان دورنا. علينا أن نبذل التضحيات معًا، لأننا نواجه الأمر معاً وسنخرج منه معاً". حتى أنه شبه نفسه ب"رئيس في زمن الحرب" في مواجهة "عدو غير مرئي".

في الخندق نفسه

وأكدت التدابير المعلنة الأربعاء هذه اللهجة. إذ أعلن أندرو كومو حاكم ولاية نيويورك، الأكثر معاناة من الوباء، إرسال السفينة المستشفى "يو أس إن إس كومفورت" التي تضم نحو 1000 غرفة، إلى ميناء نيويورك. ولم يعرف متى ستصل السفينة التي ترسو حاليًا على بعد 500 كيلومتر جنوبًا، في نورفولك بفيرجينيا. ولكن الرحلة قد تستغرق عدة أسابيع، وفقًا لمتحدث باسم وزارة الدفاع. ووصف كومو الإجراء بأنه "استثنائي" ومن شأنه أن يساعد في تعزيز قدرات المستشفيات التي تمثل أكبر مصدر للقلق على المدى القصير. وقال إن نيويورك، وهي إحدى الولايات الأكثر تضرراً مع تسجيل أكثر من 2300 حالة و20 وفاة، قد تحتاج إلى 110 آلاف سرير في غضون 45 يومًا، مقارنة بنحو 53 ألف سرير في الوقت الحالي. ورحب الحاكم الديموقراطي الذي انتقد البيت الأبيض بشدة في بداية الأزمة، بفتح "قناة حوار جيدة جداً" مع دونالد ترمب حول هذه القضية.


وقال كومو "نحن في حالة حرب، ونحن في الخندق نفسه، يمكنني أن أقول لكم إنه ملتزم تمامًا بمحاولة مساعدة نيويورك. إنه مبدع ومفعم بالحيوية". وسينخرط كذلك فيلق مهندسي الجيش التابع أيضًا لوزارة الدفاع في العمل مثلما كان كومو يطالب منذ بضعة أيام. وقال الحاكم إنه يستعد للقاء المسؤولين عن الفيلق لمعرفة كيفية استخدام السفن الموجودة لوضع أسرة فيها.

وأشار ترمب أيضاً إلى أنه سوف يستعين كذلك بقانون الإنتاج الدفاعي، وهو قانون يعود تاريخه إلى الحرب الكورية ويجعل من الممكن تعبئة القطاع الصناعي الخاص لتلبية احتياجات البلاد الأمنية. وقال الرئيس الأمريكي: "يمكنه القيام بالكثير من الأمور المفيدة، إذا احتجنا إلى ذلك، سأوقع على ذلك بمجرد انتهاء المؤتمر الصحافي". في حين أغلق العديد من الشركات الصغيرة بالفعل وصار عدد كبير من العاملين عاطلين قسراً عن العمل، يتزايد الشعور بالقلق من العواقب الاقتصادية لهذه الأزمة العالمية غير المسبوقة.

وقال ترمب إن فرضية بلوغ معدل البطالة 20% في الولايات المتحدة التي تطرق إليها في اليوم السابق وزير الخزانة أمام الكونجرس، لا يمثل سوى "أسوأ السيناريوهات المظلمة". ومعدل بطالة من 20% هو ضعف ما شهدته الولايات المتحدة في 2009 ، نتيجة للأزمة المالية، ويوازي نحو 6 أضعاف المعدل الحالي البالغ 3,5%. وقال "نحن بعيدون جدا عن ذلك".

وللحد من الصدمة، أمر ترمب "بتعليق" عمليات الإخلاء ومصادرة الأملاك العقارية، وهو إجراء اتخذ بالفعل في بعض الولايات مثل نيويورك أو كاليفورنيا. تأثرت الولايات المتحدة بالوباء العالمي بعد آسيا وأوروبا، مع تأخير كبير من جراء التأخر في بدء فحوصات الكشف عن الفيروس. وعلى الرغم من التقدم المحرز في الأيام الأخيرة، لا يزال من غير الممكن التثبت من إصابة الكثيرين من الذين ظهرت عليهم الأعراض، لعدم توفر اختبارات كافية. وقالت إدارة الغذاء والدواء، الهيئة الفيدرالية التي تشرف على الأدوية، إنها تدرس إمكانية إجراء اختبارات ذاتية يمكن إرسالها بالبريد. لكنها لم تحدد أي جدول زمني.