‏يعيش العالم هذه الأيام أوضاعا غير عادية جراء جائحة «كورونا» ‏التي شلت دول العالم تقريبا المتقدمة والنامية على حد سواء، وتسببت ‏بغلق الحدود وعزلت المجتمعات في محيطها الداخلي، ومع تميز ‏وتفوق حكومة المملكة العربية السعودية في التعامل مع أزمة كورونا، ‏والجهود الكبيرة التي بذلتها كافة أجهزة الدولة المعنية بمكافحة الوباء، ‏إلا أن الأزمة كشفت عن كثير من التحديات ومكامن الخلل، وأعطت ‏تصورا عن مدى جاهزية بعض القطاعات للتعامل مع الأزمات ‏والكوارث، وذلك بمثابة دروس مستفادة يجب توثيقها والعمل بجدية ‏لتطوير الخطط الإستراتيجية ورفع الجاهزية، وتحسين الأداء وتعظيم ‏الأدوات لتنمية الإنسان والمكان في كافة المجالات، خصوصا التقنية ‏واللوجستية.‏

التخطيط الإستراتيجي

يمثل الاستعداد والتخطيط الجيدان أساس النجاح في إدارة الأزمات ‏والكوارث، ففي وقت وثقت وكالات الأنباء العالمية الخوف والذعر ‏عالميا نظرا لنقص المواد الغذائية والارتباك العام في الشوارع ‏والأسواق، كان الوضع أفضل بكثير في الأسواق التجارية المليئة ‏بجميع أنواع الأطعمة والمواد الغذائية. ‏


القرارات القوية والسريعة

تواجه الدول التي تعاملت مع الأزمة بلا مبالاة وتأخرت في اتخاذ ‏قرارات تكافح انتشار الفيروس مثل إيطاليا، وإيران، وغيرهما، ‏صعوبة في احتواء تفشي الوباء، وتشهد تصاعدا في أعداد الإصابات ‏والوفيات. وكانت الحكومة السعودية على رأس قائمة الدول التي ‏تعاملت بجدية وحزم لمكافحة انتشار الوباء، وسخرت جميع إمكاناتها ‏المادية والبشرية لهذا الغرض. ‏

اختبار حي لتنفيذ رؤية 2030‏

من شأن الأزمة أن تساعد الجهات العليا وأصحاب القرار في التعرف ‏على الجهات القادرة على تنفيذ خطط وبرامج رؤية 2030، ‏واكتشاف مدى التزام الجهات بالتوجيهات المتعلقة ببرامج الرؤية على ‏أرض الواقع، بعيدا التقارير الإنشائية ومبالغة بعض الجهات ‏لإنجازاتها. ‏

الأداء الجماعي للجهات الحكومية

عكست أزمة كورونا الأداء الجماعي المميز لعدد من الجهات ‏الحكومية المعنية خلال الفترة الماضية، حيث أدت معظم الجهات ‏الحكومية الأدوار المشتركة المنوطة باحترافية عالية بدون ظهور ‏تضارب أو خلافات على السطح، وذلك أحد أهم الأهداف التي تسعى ‏رؤية 2030 للوصول إليها. ‏

الوعي والانضباط المجتمعي

على الرغم من أن بعض الإجراءات والتدابير التي اتخذتها الدولة قد ‏تكون قاسية بالنسبة للبعض، كمنع من السفر، وتقييد الحركة لبعض ‏الفئات، ومنع التجمعات والأعراس والفعاليات، ولكن سنتعلم من هذا ‏الأمر أهمية الانضباط والامتثال للقرارات الحكومية التي من شأنها ‏المحافظة على سلامة المجتمع، فالانضباط للتعليمات والانصياع لها ‏سيجنبنا كثيرا من المخاطر، وهي كلمة السر التي مكنت الصين من ‏تخطي هذه الأزمة.‏

التحول الرقمي

‏اختبار حقيقي لمدى قدرة وجاهزية قطاعات الدولة والقطاع الخاص ‏على التحول الرقمي، ففي وقت اتضح تميز عدد من القطاعات ‏الحكومية بوجود بنية تقنية أسهمت في استجابتها السريعة للظروف ‏الحالية، لم تتمكن قطاعات أخرى بفعل ذلك لعدم امتلاكها البنية ‏الرقمية المناسبة لتفعيل الخدمات الإلكترونية، ومنها القطاع المصرفي ‏الذي اتضح وجود خلل قدرته في إدارة الأزمات والكوارث، إذ لم ‏يتمكن كثير من موظفي البنوك العمل عن بعد بسبب عدم وجود البنية ‏التحتية اللازمة لذلك.‏

العمل عن بعد

تعلمنا أن مثل هذا الظرف سيسمح للجهات الحكومية والقطاع الخاص ‏بتجربة العمل عن بعد، ودراسة نتائجه والوقوف على سلبياته ‏وإيجابياته، ولولا هذه التجربة لما فكرت تلك المؤسسات بشكل جدي ‏في مدى فاعلية هذا النظام، ولما كانت ستخوض هذه التجربة التي ‏أقرب ما تكون لطريقة العمل في المستقبل، وتعطي الشركات لتكوين ‏شركات عالمية، موظفوها حول العالم من دون أن يجمعهم مكان واحد ‏فقط يربطهم تطبيق ينظم عملهم ويديره.‏

العلم أهم من السلاح

أثبت انتشار فيروس كورونا أن نهضة الأمم ليست بالقوة العسكرية ‏والسلاح أو المال، وإنما‏ في العلم، فالتعليم هو القاسم المشترك بين ‏الأمم والأمة التي أنفقت في مجال العلم هي الأمة القوية. وبمجرد أن ‏بدأ العالم بالتأثر بالفيروس سارعت دول كثيرة للبحث عن لقاح ‏‏«منقذ»، وهو الأمر الذي لم يكن العالم مستعدا له، كما صرحت به ‏الصين أمس. ‏

التعليم عن بعد

تطبيق نظام التعلم عن بعد فرصة حقيقية لاختبار هذا النظام ومدى ‏كفاءته وملاءمته مناهجنا الدراسية، وأيضا معرفة مدى جهوزية ‏طلابنا لمثل هذا النوع من التعليم، والأمر الآخر معرفة مدى جهوزية ‏أسرنا للتعامل مع مستقبل التعليم، والأهم من ذلك قياس مدى توافر ‏مستلزمات التعليم عن بعد في مجتمعنا من توافر الإنترنت والأجهزة ‏الذكية المناسبة لمنصات التعليم، وعلى طلابنا أن يكونوا مستعدين ‏للأساليب غير التقليدية، كما أن التعليم الافتراضي سيوفر على قطاع ‏التعليم أموالا ضخمة، على سبيل المثال رسوم الكهرباء، المياه، ‏المواصلات.‏

أهمية الإعلام وقت الأزمات

تؤكد الأزمة الحالية على أهمية الإعلام، وأن أي عملية إدارية ناجحة ‏لا تخلو من عمل إعلامي ناجح، فالإدارة الإعلامية جزء من أجزاء ‏الإدارة الناجحة، وكان الإعلام السعودي بكافة فئاته إعلاما مهنيا ‏وعلى قدر التحدي، وأكد أنه ركيزة مهمة لا يمكن الاستغناء عنها أو ‏إهمالها، في وقت انكشف من يطلق عليهم مشاهير التواصل على ‏حقيقتهم، وثبت للجميع ضحالة ثقافتهم وخطر المحتوى الذي يقدمونه ‏على المجتمع.‏

تعافي رئة العالم

‏أسهمت أزمة كورونا في تخفيض عجلة الصناعة وخفض مستوى ‏الانبعاثات الضارة في البيئة، حيث نشرت وكالات الأنباء بعد أسابيع ‏من انتشار فيروس «‏COVID-19‏» في الصين، صورا مأخوذة من ‏الأقمار الصناعية، تصور تناقص التلوث في سماء البلاد بشكل ‏ملحوظ، وكان ذلك بمثابة إشارة إلى أن أزمة المناخ وجدت حلا ‏مؤقتا، وإن كان مصحوبا بوباء منتشر.‏

زيف شعارات الغرب

كشفت أزمة كورونا زيف شعارات حقوق الإنسان والحريات التي ‏كانت تستغلها دول الغرب لمصلحتها، إذ إن بعض الدول التي كانت ‏تنظر إلى دول العالم الثالث بتلك الشعارات قامت بالتعتيم على انتشار ‏فيروس كورونا فيها خوفا من تأثر الاقتصاد، كما تركزت خطط ‏بعض الدول الغربية على السماح بتفشي الفيروس بين مواطنيها ‏لأسباب اقتصادية ومادية بحتة، وعدم رغبتها في علاج من هم فوق ‏الـ60 عاما بسبب التكلفة.‏

دروس عامة مستفادة من الأزمة

كثير من الطلاب والطالبات شعروا بالمسؤولية الشخصية في التعلّم، ‏وشرعوا في ممارسة التعلّم الذاتي ‏

أكدت الأزمة التي شهدتها بعض الدول على أهمية تعزيز الأمن ‏الغذائي ‏

أكدت أزمة كورونا على الحد من التعاملات النقدية والتحول إلى ‏الدفع الإلكتروني

ضرورة الاهتمام بالنظافة العامة والشخصية ‏

ضرورة تغيير بعض العادات مثل تهذيب عادات السلام والتقبيل

تعزيز الأواصر الأسرية بجلوس أفراد الأسرة إلى بعضهم بالمنزل ‏وقضاء أوقات جميلة

أدت الأزمة إلى تقنين السفريات والتسوق المبالغ فيه، وحضور ‏المناسبات وجميع أنواع التجمعات

أسهمت في تفتيت العادات السيئة من التبذير والبذخ في الكماليات

ضرورة الاهتمام بقطاع الصحة وتعظيم إمكاناته وتطوير أدواته ‏

خطط الطوارئ يجب أن تكون حاضرة لجميع المؤسسات

كشفت أزمة كورونا ضعف ثقافة مشاهير التواصل وخطر ما ‏يقدمونه من محتوى

أبرزت أهمية الإعلام في الأزمات، وضرورة يجب أن يكون مهنيا ‏ولا ينجرف خلف الإشاعات