مع توسع التفشي السريع لفيروس كورونا الجديد، يشكّل مفهوم «ناقل العدوى الفائق»، أي المريض الذي يتسبب بنقل الفيروس للأشخاص، محط نقاش في وقت لا يزال الوباء غامضا بعض الشيء للأطباء، مع صعوبة فهم كافة العوامل التي تؤدي إلى انتقال العدوى.

مفهوم قديم

لم ينشأ مفهوم «ناقل العدوى الفائق» مع COVID-19، بل استخدم أيضا في مرحلة انتشار وباء السارس (2002-2003) ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (منذ 2012) المنتميين أيضاً لعائلة فيروس كورونا الجديد. وعاد استخدام المصطلح أكثر من مرة عند الحديث عن الوباء الحالي الذي بدأ من الصين وتفشى في العالم أجمع.


وصف لا تعبير

أوضح الطبيب المتخصص بالأمراض المعدية الناشئة آميش أدالجا أن التعبير «ليس تعبيرا طبيا»، بل يصلح لوصف «شخص ينقل العدوى إلى عدد كبير نسبيا من الأشخاص».

الناقل

أطلق على شخصين على الأقل في وسائل الإعلام وصف «الناقل الفائق للعدوى» أو «الناشر الفائق» لها. ويعتبر أن هؤلاء الأفراد نقلوا العدوى إلى عدد أشخاص أعلى من المعدل الذي يبلغ عادة ما بين شخصين وثلاثة، وذلك بسبب غياب تدابير الوقاية كالعزل والحد من التواجد في التجمعات وغيرها.

لقب ناشر العدوى

أطلق لقب الناشر الفائق للعدوى على رجل الأعمال البريطاني ستيف والش الذي عاد من سنغافورة، وشكل مصدر عدوى لعشرات الأشخاص في فبراير، والرجل الذي تماثل للشفاء منذ ذلك الحين، ونقل المرض أيضاً لخمسة أشخاص بعد عودته إلى إنكلترا.

الأطفال ناقلون

العامل المجهول الآخر في هذا الصدد دور الأطفال الذين ليسوا عرضة للعدوى الحادة للمرض كما الفئات الأخرى، لكنهم ناقلون للفيروس. وانطلاقاً من الخشية المرتبطة بقدرة الأطفال على نقل العدوى لعدد كبير من الأشخاص، اتخذ تدبير إغلاق المدارس.

وأكد البروفيسور إريك كوم رئيس قسم الأمراض المعدية والمدارية أن «وجود من نسميهم (الناقلين الفائقين للعدوى) أمر ممكن، ويعني ذلك المرضى الذين ينقلون العدوى ليس لشخصين وثلاثة، بل للعشرات». لكن أضاف أن «المشكلة هي عدم قدرتنا على تحديدهم».

إفراز الفيروس

أشار رئيس قسم الأمراض المعدية البروفيسور أوليفييه بوشو إلى أنه «يبدو أن بعض المرضى، ودون أن يكون ذلك مرتبطاً بقوة العوارض، يفرزون الفيروس بشكل أكبر من الآخرين وبالتالي ينقلونه أكثر من غيرهم».

لكنه يضيف أن «ذلك ليس فرضية حالياً، وبالتأكيد ليس لدينا تفسير واضح في هذه المرحلة، والأمر ليس خاصية لفيروس كوفيد-19 وحده».

مختلفون

تخلص البروفيسورة في علم الإحصاءات الوبائية كريستل دونيلي إلى «أننا نحن جميعاً مختلفون، من أجهزتنا المناعية، وتصرفاتنا، والأماكن التي نذهب إليها. كل تلك العناصر يمكن أن تلعب دوراً بالنسبة لعدد الأشخاص الذين ننقل إليهم العدوى. ويمكن للعوامل البيولوجية والسلوكية أن تؤثر، لكن أيضاً يوجد تأثير للزمان والمكان».

ودفع هذا الغموض المحيط بالمفهوم الطبيب بهارات بانخانيا المتخصص بالأمراض المعدية في كلية الطب في جامعة إكستر البريطانية إلى القول إن «الناقل الفائق للعدوى لا وجود له».

موضحا أن العدوى تنتقل «غالبا بين الحشود، في أماكن مغلقة لا توجد فيها تهوية، أو بسبب عدم التعرف على إصابة ما، وغالبا عبر شخص في بدايات مرضه، عندما تكون الإفرازات المرتبطة بالمرض في حدها الأقصى».

ولتلك الأسباب يفضل أكثر عدم الحديث عن حالة «نقل فائقة للعدوى» أو تصنيف شخص ما بأنه «ناشر فائق» لها، وهو مصطلح اعتبره وزير الصحة الفرنسي أوليفيه فيران بأنه «يلحق وصمة» بالأشخاص المعنيين.