بتكلفة عالية جداً، يجوب شاب عربي بلدان العالم أجمع ويسخر من ثقافتهم ويتحدث عنهم باللغة العربية بسوء ثم يترجم خلاف ما يقول. ولا علاقة لاسم برنامجه بالواقع الذي يفترض أن ينقله. ولكن يكفي أن يقوم المذيع المصري "رامز" بدور ساخر في دول أوروبا، ويقوم بـ"اللقافة" باسم الإعلام. لا أعرف ماذا نسميها، "ظرافة" أم خفة ظل؟. والإجابة هي لدى من يديرون قناة "الحياة" طبعاً. رامز لا يختلف عن ذلك الذي قام بتحريم كأس العالم وخصص له حلقة كاملة، ولا عن المبارزين فضائياً. والإشكالية الأساسية هي في من أتاح الفرصة لهؤلاء في الظهور والحديث إما نيابة عن العامة أو عن النخب حتى. فمثلا عضو مجلس الشورى السعودي الشيخ عبدالعزيز العيسى، والذي رأس تحرير مجلة الدعوة لفترة طويلة، يغيب عن الظهور التلفزيوني لإيمانه بقناعاته التي لا يريد أن تحترق بمجرد نشرها، ولا يريد كذلك أن يظهر بوجه يبتسم فيه للناس يختلف كليةً عما بداخله. وهو شخصية يستحق التقدير على حياده وابتعاده عن الضوء.
هذا مثال بين عدة أمثلة تمتلك فكراً واعياً ونيراً ولكنها لا تريد "فلاشات" الشهرة. وفي الوقت ذاته، هناك طوابير مجلجلة أمام القنوات والإذاعات تنتظر دورها في الظهور، والحديث في كثير من الأحيان بما لا يليق.
ونبقى في محور حديثنا "رامز"، الذي أسمى برنامجه "حول العالم". وهو في الحقيقة سوء ترجمة لمعنى البرامج الخفيفة، ومن أراد منكم الحكم فليشاهد عدداً من المقاطع التي يقوم فيها المذيع بالتدخل في شؤون المارة والقاعدين والآكلين والنائمين، وسؤالهم بما لا يخصه. ولكن اللوم على من قام بتخصيص ميزانية له كيف يشوه الوجه الجميل للإعلام، ويتراقص فرحاً وضحكاً على سخريته بمن لا يعرفون لغته التي يتحدث بها حين يكون ساخراً. ولكنه زمان الأعاجيب، وقنوات "الشخبط شخابيط"، ولذا: إلى لقاء.