استعارة مفهوم
من مبررات تقديم تلك الدراسات بعد آخر يسميه البازعي «البعد البنائي أو الكيفية التي بنيت بها معظم الدراسات المقدمة في الكتاب». فجزء كبير منها أعد كمحاضرات وقراءات نقدية منبرية، أي تمازج بين الشفوي والكتابي. لافتا إلى أن الجزء الأكبر من ظاهرة الحداثة في شعر منطقة الخليج والجزيرة العربية، متداخل تداخلا عضويا بالطبيعة الشفهية التي ما تزال تسم ثقافة المنطقة، وما تتضمنه من قيم اجتماعية وتصورات للعالم. بشكل عام. ويضيف: التداخل الشفوي / الكتابي لم أتبينه حين حاولت توظيف مفهوم «ثقافة الصحراء» الذي يحمله الكتاب عنوانا أستعير من الدراسة الثانية بين محتوياته، ولكنه قد يكون كامنا في ذلك المفهوم.
ظروف جغرافية
«ثقافة الصحراء» مفهوم أثار جدلا ولغطا كبيرا إبان صدور الكتابة، فيما يشدد البازعي على أن «التحديد العام الذي أوردته في مقدمة الدراسة المشار إليها» ثقافة الصحراء: ملامح الهوية المحلية، «لا يشير إلى التداخل الشفوي/ الكتابي في ظاهرة الحداثة المحلية والخليجية، لكنه يؤمي إليها من حيث إن مفهوم «ثقافة الصحراء» هو الإطارالعام، أو أحد الأطر الرئيسة التي يمكننا من خلالها أن نقرأ الأدب في منطقة الجزيرة العربية كمعطى إنساني / بيئي أو كتفاعل مع الظروف الجغرافية يتوازى مع التفاعلات الحياتية الأخرى. وثقافة الصحراء مثلما أنها نتيجة التفاعل مع الظروف الجغرافية، هي أيضا ناتج التلاقح بين نمطي الشفوية والكتابية، ومنطقة التجلي الرئيسة لذلك الناتج هو الأدب الحديث، أو أدب الحداثة.
تقاطع
الدكتور سعيد السريحي تقاطع مع مفردة «الصحراء» وما تشيعه ثقافيا حول أطروحة مأزق البحث عن هوية، متناولا كتاب (وحي الصحراء) الصادر إبان بواكير النهضة الأدبية الحديثة السعودية منتصف الخمسينات الهجرية، وتحديدا عام 1355، ذاكرا، أن الصحراء هنا جاءت لكي تكون مصدر الوحي لهؤلاء الأدباء، وبديلاً للشام والعراق ومصر والمهجر، وما اشتمل عليه الكتاب من موضوعات وقصائد، إنما هو وحي هذه المرجعية التي أرادها أدباء الحجاز علامة مميزة لهم، تبني الصحراء كمرجعية تحقق لهم الهوية.
تراثنا
بعدما يقارب الستين عاماً من صدور كتاب وحي الصحراء أصدر الدكتور سعد البازعي كتابه ثقافة الصحراء، الذي شابه وحي الصحراء، من حيث إن كلا الكتابين عبارة عن جملة من الموضوعات المتفرقة التي جاءت الصحراء لكي تشكّل الإطار الكلي لها، مع التأكيد - طبقا للسريحي - على الفارق الأساسي والمتمثل في أن موضوعات ثقافة الصحراء لكاتب واحد هو البازعي، كما أنها جميعها أخذت منحى الدراسة النقدية، في الوقت الذي ضم وحي الصحراء عدداً من الكتّاب الذين شاركوا بكتابة المقالات والدراسات والقصائد التي اشتمل عليها. يقول البازعي: (قد لا يكون فهمي أو تطبيقي لثقافة الصحراء منسجماً تماماً مع أسس هذا الإطار النقدي، خاصة وأنها تمتزج لديّ مع نمطي الشفوية والكتابة أو تتضمنها على أقل تقدير). وأرجع البازعي الفضل في وصول هذا المفهوم إليه للكاتب الراحل عبد الله نور الذي أكد على أننا نحتاج في السعودية على وجه الخصوص إلى ثقافة الصحراء، لأنها هي تراثنا الخصوصي الذي يجعلنا في دائرة الثقافة العربية العالمية.
شفوية الثقافة
تبنّي ثقافة الصحراء كهويّة للأدب تشكل خصوصيته وتمنحه مشروعيته وتصبح ثقافة الصحراء هي جماع ملامح الهوية المحلية. هو باختصار ما شكل رؤية الكتاب، وهو ما يتحدث عنه البازعي قائلا: قد لا يكون فهمي أو تطبيقي لثقافة الصحراء منسجمعا تماما مع أسس الإطار النقدي، خاصة وأنها تمتزج لدي مع نمطي الشفوية والكتابية أو تتضمنهما على أقل تقدير.
سعى البازعي في مقدمة كتابه إلى الربط بين دراستين تضمنهما الكتاب، إحداهما حول ثقافة الصحراء كإطار عام للهوية المحلية والأخرى حول الثقافة الشفهية أو الشفوية التي لا تزال تسم ثقافة المنطقة، مستنتجاً أن ظاهرة الحداثة الشعرية في شعر منطقة الخليج والجزيرة العربية تتداخل تداخلاً عضوياً مع هذه الطبيعة الشفوية بشكل عام، وأن الوعي بشفوية الثقافة أساسٌ لإدراك الكثير من التشكلات الأدبية على اختلافها.
لبنات أولى
كتاب ثقافة الصحراء من الأعمال المبكرة التي تناولت أدب الحداثة أو الأدب الجديد كما يصفه البازعي، فالهدف هو: (تقريب المسافة بين أدب جديد وجمهور من المتلقين لم يألفوا ما في ذلك الأدب من جدة).
اشتمل الكتاب على دراسات في موضوع الهوية المحلية وتجلياتها في النص الأدبي، وتداخلات القصيدة والوطن، والعشق والوطن، ومفهوم الحداثة في الشعر العربي الخليجي كمعاصر، ومصطلح الشعر الجديد والقصيدة الجديدة، وأخذ يكشف كيف استطاع شعراء القصيدة الحديثة أن يحدثوا التغيير في مسار القصيدة، وبذلك يضع الكتاب اللبنات الأولى للنقد الجديد في المملكة، ويقف على مظاهر التجديد في قصائد عدد من شعراء التفعيلة، وتوظيف الأسطورة والرموز المحلية.
بينما ذهب الكاتب والناقد محمد الحرز إلى أن «مفهوم ثقافة الصحراء في خطاب البازعي النقدي ليس إلا سوى قيمة ثقافية مسقطة من الخارج على النص الشعري».
سعد بن عبد الرحمن البازعي
-ولد عام 1953
-بكالوريوس في اللغة الإنجليزية وآدابها من جامعة الملك سعود بالرياض 1974
-الماجستير في الأدب الإنجليزي من جامعة بيردو بولاية إنديانا 1978
-الدكتوراه في الأدب الإنجليزي والأمريكي من جامعة بيردو بولاية إنديانا 1983
-أطروحته في الدكتوراه حول الاستشراق في الآداب الأوروبية.
مهام
-عمل أستاذاً للأدب الإنجليزي المقارن بجامعة الملك سعود بالرياض
-عضوية مجلس الشورى عام 2009
-رئاسة تحرير صحيفة «رياض ديلي» الصادرة باللغة الإنجليزية
-رئاسة تحرير الطبعة الثانية من الموسوعة العربية العالمية
-رئاسة نادي الرياض الأدبي
-عضوية مجلس الصندوق الدولي لدعم الثقافة باليونيسكو
-رأس لجنة التحكيم لجائزة الرواية العربية العالمية (البوكر) 2014
مؤلفات وجهود
-حرر وشارك في ترجمة قصائد من الشعر السعودي إلى الإنجليزية
صدر له كتابان مترجمان.
-ثقافة الصحراء: دراسات في أدب الجزيرة العربية المعاصر 1991.
-إحالات القصيدة: قراءات في الشعر المعاصر 1999.
-دليل الناقد الأدبي إضاءة لأكثر من 70 تياراً ومصطلحا نقديا (مع الدكتور ميجان الرويلي) 2002.
-أبواب القصيدة: قراءات باتجاه الشعر 2004.
-استقبال الآخر: الغرب في النقد العربي الحديث 2004.
-شرفات للرؤية: العولمة والهوية والتفاعل الثقافي 2005.
-المكون اليهودي في الحضارة الغربية 2007.
-الاختلاف الثقافي وثقافة الاختلاف 2008.
-جدل التجديد: الشعر السعودي في نصف قرن 2009.
-سرد المدن الرواية والسينما 2009.
-قلق المعرفة: إشكاليات فكرية وثقافية 2010.
-لغات الشعر: قصائد وقراءات 2011.
-مواجهات ثقافية: مقالات في الثقافة والأدب (باللغتين العربية والإنجليزية) 2014.
-مشاغل النص واشتغال القراءة: قراءات في الرواية والشعر 2014.
-المسلمون في التاريخ الأمريكي لجيرالد ديريكس 2011 (ترجمة)
-جدل العولمة: نظرية المعرفة وسياساتها لنغويي وا ثيونغو 2014. (ترجمة)
-مواجهات ثقافية: مقالات في الثقافة والأدب. 2014.
-الأخلاق في عصر الحداثة السائلة، 2016 لزيغمونت باومان (ترجمة بالاشتراك مع بثينة الإبراهيم)
-هموم العقل: مسائل، حوارات، إشكاليات، 2016.
-جدل الألفة والغرابة: قراءات في المشهد الشعري المعاصر، 2016.
-مواجهات السلطة: قلق الهيمنة عبر الثقافات، 2018.
-القصيدة الشعبية ـ سمات التحضر وتحديات التجديد. 2018.