أدى خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز إلى السوريين أول من أمس لكسر حاجز الصمت العربي، بعد الأسابيع الدموية التي تلت تفجر الانتفاضة المطالبة بالحريات السياسية.

فقد أشاد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربي عبداللطيف الزياني بالكلمة التاريخية لخادم الحرمين، معتبرا أن الدعوة الصادقة التي وجهها خادم الحرمين لتغليب الحكمة والعقل فرضتها المسؤولية القومية والإسلامية التي يتحملها الملك عبدالله كزعيم عرف بمواقفه العروبية والإسلامية المخلصة، وسعيه الدائم لتحقيق كل ما فيه الخير والعزة والكرامة للشعوب العربية والإسلامية وكقائد حكيم نذر نفسه لكل عمل خير يحمي مصالح الأمة ويجمع كلمتها ويوحد جهودها.

وقال إن "خادم الحرمين بهذا الموقف القومي المشرف والشجاع عبر عن الرفض القاطع لإراقة الدماء في سورية، وتواصل سقوط القتلى والجرحى من أبناء الشعب السوري، مبرهنا بأنه دائما ما يعبر بلسان جميع الشعوب العربية والإسلامية، التي يعتصرها الألم والحزن، لما آلت إليه الأوضاع الإنسانية الصعبة، التي يعيشها هذا الشعب العزيز".

ورحبت قوى المعارضة اللبنانية بخطاب خادم الحرمين، واعتبر رئيس الحكومة السابق سعد الحريري أن الخطاب هو "رؤية حازمة لن تترك سورية في مهب الريح"، لافتا إلى أنه منعطف مهم في مسار الأحداث في سورية.

وشدد الحريري في بيان، على أنّه "مما لا شك فيه، أنّ الخطاب التاريخي الذي توجّه به خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، إلى سورية وشعبها، جاء في لحظة مفصليّة من هذه التطورات، ليتوّج الموقف العربي برؤية صادقة وحازمة، أطلقت التحذير من مخاطر الاستمرار في أعمال العنف وإراقة الدماء والانجرار نحو الفوضى، وأعلنت من موقع القيادة العربية المسؤولة والحكيمة أنّ السعودية لن تترك سورية وشعبها في مهب الريح"، لافتا إلى أنّه "إذا كان من الطبيعي لخطاب الملك عبد الله بن عبد العزيز، أن يتصدر المواقف العربية والإقليمية والدولية، وأن يشكل منعطفا في مسار الأحداث التي تجري في سورية، وأن يقول لكل العالم، إن لسورية أشقاء لها عليهم حق الرعاية والتضامن والأخوة".

ووصف رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي موقف الملك عبد الله بـ"الحكيم". وقال إنّه "بقدر ما نتألم لسقوط الضحايا في سورية بالقدر نفسه نعتبر أن العنف لا يؤدي إلا إلى مزيد من الآلام والضرر، فالحوار البنّاء يؤدي إلى الوصول إلى الإصلاحات".

وفي الدائري الشرقي بالرياض، تجمع مساء أول من أمس المئات من الجالية السورية، وعبروا عن مشاعرهم الإيجابية وشكرهم لخادم الحرمين الشريفين، رافعين صور الملك إلى جانب الأعلام السعودية والسورية.

من جهته، وصف أستاذ العلوم السياسية الدكتور خالد الدخيل خطاب الملك عبدالله الموجه للأشقاء في سورية، بـ"المهم والتاريخي، والخطوة الكبيرة التي تمثل مرحلة أولى".

وأضاف الدخيل في حديث إلى"الوطن": "أعتقد أن السوريين كنظام لن يفعلوا إلا ما كانوا يفعلون، لأن النظام السوري غير قابل للإصلاح، وأي إصلاح حقيقي هو بمثابة نهاية النظام وسقوطه. وسورية أمامها ثلاثة سيناريوهات؛ إما أن تقمع الانتفاضة، أو أن يسقط النظام، أو أن تقوم حرب أهلية". وتابع الدخيل " لن يسقط النظام السوري إلا بانقلاب داخلي من القصر الرئاسي أو الجيش".

وعن خطوة المملكة المتمثلة في خطاب الملك عبدالله يتساءل الدخيل "ماذا بعد هذه الخطوة؟ هل هناك تنسيق سعودي مع الدول العربية كمصر مثلا؟ تركيا يبدو أن لديها خيارات، ولكن ماذا لدى العرب؟".

وحول الشعار الذي يردده النظام السوري وأتباعه، من أن سورية دولة ممانعة في وجه إسرائيل، وقول البعض من أنها أصبحت دولة ممانعة حتى في الداخل؛ شدد الدخيل على "عدم الانجراف وراء كذبة الممانعة"، وأنه "شعار لا يجب تصديقه على الإطلاق، فلا توجد ممانعة أصلا، لأن إسرائيل سبق أن قصفت موقعا في سورية، ولم يحرك النظام ساكنا، وحلقت طائرات إسرائيل فوق قصر الرئيس في اللاذقية، ولاذت سورية بالصمت، بل إن النظام السوري في ذكرى 1976 الماضية دفع الفلسطينيين إلى حدود إسرائيل التي قتلت نحو 20 فلسطينيا منهم. فعن أي ممانعة يتحدثون". ورحب نائب الرئيس السوري السابق عبدالحليم خدام بالمواقف العربية الداعمة لحقوق الشعب السوري. وقال خدام في حديث لإذاعة " العالم الآن " إن الكلمة التي وجهها الليلة قبل الماضية خادم الحرمين لأشقائه في سورية كانت بمثابة إطلاق شرارة التحرك العربي باتجاه دعم الشعب السوري وإنقاذه من الجرائم التي يتعرض لها".