مر على وزارة الإعلام منذ عام 1436هـ، وحتى كتابة هذا المقال خمسة وزراء على مدى أربعة أعوام، مع تفاوت المدد بينهم ما بين القصيرة والمتوسطة، كل هذا وما زالت الوزارة بعيدة عن التطلعات، وما زالت تسير بشكل بطيء نحو تحقيق الأهداف المؤملة منها، سواء فيما يخص المواطن أو تطلعات القيادة منها، أو ما يخص الإعلاميين في السعودية.

المشكلة لا تكمن في أنها وزارة الإعلام!! ولا تكمن في وزير بعينه، لأن المشكلة تبدأ من الداخل في دهاليز هذه الوزارة التي ابتعدت منذ سنوات عن تفعيل دورها الرئيس، بشكل جعلها لا تواكب مرحلة النهضة والازدهار التي تشهدها قطاعات الدولة المختلفة، والدليل الأكبر على أن الوزارة تعاني من الداخل وليست معاناتها من رأس الهرم، هو عندما تم فصل الثقافة عن الإعلام بصدور الأمر الملكي من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، القاضي بتعديل اسم وزارة الثقافة والإعلام لتكون وزارة الإعلام، وإنشاء وزارة بمسمى وزارة الثقافة، تنقل إليها المهام والمسؤوليات المتعلقة بنشاط الثقافة، وتعيين الأمير بدر بن عبدالله بن محمد فرحان وزيرًا للثقافة. ‫فقد شهدنا بعد هذا الفصل حراكًا كبيرًا في الجانب الثقافي لم تشهده المملكة العربية السعودية من قبل، وانطلاقة قوية في هذا المجال شملت إنشاء هيئات مرتبطة بالثقافة أضفت على المشهد الثقافي صبغة مؤسساتية يرتكز عليها في تحقيق التطلعات والآمال المرجوة من هذه الوزارة، بالإضافة لعدم إغفالها للجانب الإعلامي.. و«المدينة الإعلامية» التي تم تدشينها مؤخراً تشهد بذلك.

انطلقت وزارة الثقافة، وما زالت وزارة الإعلام عالقة.. ويتضح لي أنها لم تحقق رؤى وتطلعات صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، في مواكبة هذا التطور السريع في جميع المجالات، ولا يخفى على الجميع حرص سموه على النتائج النهائية، فلغة الإنجاز هي لغته، لذلك كان الخيار الأنسب لهذه المهمة ولانتشال الوزارة من الخلل الواضح الذي يسير في مفاصلها، هو تكليف الدكتور ماجد القصبي وزير التجارة بملف وزارة الإعلام بالإضافة لعمله، ولم تأت هذه الثقة الملكية لتولي حقيبتين وزاريتين إلا من ثقة كبيرة في معاليه بأنه سيسهم في معالجة مسار الوزارة.


‫ الدكتور ماجد القصبي أمام مهمة حساسة جداً، بتوليه قيادة الجهة الأهم التي نصل من خلالها للعالم، وهي منبر التشريع الإعلامي في السعودية، ومما يجعل هذه المهمة أكثر صعوبة تلك النظرة السلبية المتراكمة منذ عقود لدى الإعلاميين تجاهها، فهناك صورة ذهنية سلبية تحتاج أن تتغير، وهناك فجوة كبيرة تحتاج لردم.

ولذا فإنه من الضروري - من وجهة نظري - أن تبدأ عملية تطوير الوزارة بالتحليل العلمي من خلال دراسة تحليلية لأبرز العوائق التي تقف أمام تحقيق التطلعات المأمولة منها، علاوة على نقطة مهمة أتمنى تطبيقها، وهي مراجعة الصف الثاني في الوزارة، والتأكد من خبراتهم وهل حققوا ما هو مطلوب منهم خلال السنوات الماضية؟ وكذلك إعادة النظر في الهيكل التنظيمي للوزارة، ومراجعة الإدارات المختلفة في الوزارة والتخلص من «البيروقراطية» فيها، بالإضافة لخلق منصة «تواصل إعلامي» مع الإعلاميين وبشكل مباشر وفعال لسماع ملاحظاتهم وتبني المبادرات والمشاريع، وقبل ذلك الاستعانة بالكفاءات التي تحقق النتائج المرضية، وتؤسس لمرحلة إعلامية جديدة تقودها وزارة إعلام بمنظور عصري وبكوادر مؤهلة.