قال سكان إن دبابات سورية اقتحمت مدينة دير الزور في شرق البلاد اليوم (الأحد 2011/8/7) وسحقت حواجز أقامها مواطنون على الطرق وفتحت النار وسيطرت على الساحة الرئيسية في وسط المدينة في حملة قمع جديدة قال ناشطون إنها أودت بحياة عشرات المدنيين.

وجاء الهجوم على دير الزور بعد أسبوع من اقتحام دبابات مدينة حماة التي يقول ناشطون إن العشرات قتلوا فيها خلال حصار مستمر بهدف سحق احتجاجات مستمرة منذ 5 أشهر على حكم الرئيس بشار الأسد.

وقال أحد سكان دير الزور "في وقت مبكر من هذا الصباح اقتحمت أرتال الدبابات العسكرية والجرافات تحت غطاء من إطلاق نار كثيف المداخل الغربية والشمالية للمدينة وأزالت الحواجز التي وضعها السكان."

وأضاف الرجل الذي ذكر أن اسمه ابو بكر هاتفيا "تتخذ 12 دبابة مواقعها في الساحة الرئيسية في سوق الجبيلة في القطاع الشمالي لدير الزور."

ونفت الحكومة وقوع الهجوم في دير الزور. وذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) إن دير الزور لم تدخلها دبابة واحدة ووصفت التقارير عن وجود دبابات في المدينة بأنها من عمل قنوات تلفزيونية فضائية محرضة.

وتفرض سورية حظرا على أغلب وسائل الإعلام المستقلة منذ بداية الاحتجاجات الشعبية ضد الأسد الأمر الذي يجعل من الصعب التحقق من روايات السكان والنشطاء والسلطات.

وذكر اتحاد تنسيقيات الثورة السورية أن 50 شخصا قتلوا في دير الزور اليوم الأحد ولاقى ما لا يقل عن 13 شخصا آخرين حتفهم في هجوم منفصل قادته دبابات على قرية في وسط سهل الحولة بالقرب من مدينة حمص.

وقالت الناشطة سهير الاتاسي عضو الاتحاد في اتصال هاتفي مع رويترز من دمشق إن أعداد القتلى والجرحى تتزايد ساعة بساعة.

وقال الاتحاد في بيان إن معظم الخسائر البشرية التي وقعت في دير الزور اليوم الأحد كانت في منطقة الجورة بغرب المدينة.

وتقول السلطات السورية إنها تحارب مخربين مسلحين أثاروا أعمال العنف بمهاجمة قوات الأمن. وتقول جماعات لحقوق الإنسان ودول غربية إن قوات الأسد أطلقت النار مرارا على محتجين مسالمين لسحق انتفاضة.

ويقول ناشطون إن القوات الحكومية قتلت ما لا يقل عن 1600 مدني خلال حملة قمع متزايدة بدأت منذ 5 أشهر. بينما تقول الحكومة إن مسلحين قتلوا أكثر من 500 من أفراد قوات الأمن.

وفي رد نادر الحدوث على تصاعد إراقة الدماء في سورية انضمت جامعة الدول العربية لموجة الإدانات الدولية اليوم الأحد ودعت السلطات السورية لوقف أعمال العنف ضد المحتجين.

ونقلت وكالة الأنباء القطرية عن الأمين العام للجامعة نبيل العربي قوله إن الجامعة تشعر "بقلق متزايد" بشأن التطورات في سورية ودعوته للسلطات إلى الوقف الفوري لجميع أعمال العنف ضد المحتجين.

ونقلت عنه الوكالة السورية قوله لوزير لخارجية اللبناني الزائر عدنان منصور "إن التعامل مع الخارجين عن القانون من أصحاب السوابق الذين يقطعون الطرقات ويغلقون المدن ويروعون الأهالي واجب على الدولة لحماية أمن وحياة مواطنيها".

وقال السفير الأميركي لدى سورية روبرت فورد خلال مقابلة مع شبكة (إيه.بي.سي) التلفزيونية إن الهجوم على حماة "من الفظائع" لكن السكان ذكروا له عندما زار المدينة الشهر الماضي إنهم لا يريدون تدخلا عسكريا خارجيا.

وقالت مستشارة للأسد إنه يتعين على تركيا التي نددت بالهجوم على حماة بوصفه عملا وحشيا ألا تتدخل في الشؤون السورية وحذرت وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو من أنه سيستقبل بفتور عند زيارته لدمشق بعد غد الثلاثاء.

وقال الناشط عمار القربي المقيم في القاهرة إن 42 شخصا قتلوا في دير الزور و17 آخرين في الحولة. وأضاف أن 28 شخصل آخرين قتلوا خلال الليل منهم ثمانية في محافظة إدلب في الشمال في أعقاب احتجاجات عقب صلاة العشاء.

يأتي الهجوم العسكري على دير الزور الواقعة على بعد نحو 400 كيلومتر شمال شرقي دمشق بعد يوم من إبلاغ الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون الرئيس السوري الأسد قلقه من العنف المتصاعد ومطالبته له بكبح جماح الجيش.

وقال المكتب الصحفي للأمم المتحدة في بيان أن بان "حث الرئيس على الكف عن استخدام القوة العسكرية ضد المدنيين فورا."

وكان سكان دير الزور الواقعة على نهر الفرات بالمحافظة المتاخمة لقلب المنطقة السنية بالعراق يستعدون لهجوم على مدينتهم.

وأظهر تسجيل فيديو نشر على الانترنت الأسبوع الماضي اجتماعا عشائريا يبحث الاستعدادات لمقاومة مسلحة لأي تحرك عسكري ضدهم.

وكانت السلطات في الماضي تسمح للقبائل بتسليح نفسها لتحقيق نوع من الثقل الموازن للسكان الأكراد في شمال شرق البلاد.

لكن العلاقات بين الأقلية العلوية التي ينتمي إليها الأسد ويبن المحافظات التي يغلب السنة على سكانها تدهورت بعد أن أدت سنوات من نقص المياه إلى تراجع الزراعة وإلى موجات نزوح شملت ما يصل إلى مليون شخص.

وأصبحت حماة ودير الزور مركزا لأضخم الاحتجاجات على حكم أسرة الأسد.

وقال أبو بكر من منطقة الجبيلة التي شهدت بعضا من أكبر المظاهرات المناهضة للأسد في الأسابيع الأخيرة أن أصوات التكبيرات كانت تدوي من مكبرات الصوت بالمساجد اليوم الأحد.

وقال ساكن آخر ان الدبابات وناقلات الجنود المدرعة عبرت نهر الفرات وانتشرت في وسط المدينة.

وأضاف الساكن بينما كان دوي قذائق الدبابات والمدافع الرشاشة يتردد "القذائف تقصف الآن حي الجورة, لا أحد يجرؤ على الخروج في الشارع قرب الميدان الرئيسي."

وقال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الذي أقام علاقات قوية مع الأسد قبل اندلاع الاحتجاجات أمس إن وزير خارجيته داود أوغلو سيزور دمشق يوم الثلاثاء لتسليم "رسالة حاسمة " إلى سورية.

وردت بثينة شعبان مستشارة الأسد بقوة على تركيا وانتقدت أنقرة لعدم ادانتها "لأعمال القتل الوحشية التي ترتكبها جماعات إرهابية مسلحة ضد المدنيين والعسكريين".

وتابعت أنه إذا كان داود أوغلو سيأتي لابلاغ رسالة حاسمة فإنه سيسمع كلمات قد تكون أشد حسما فيما يتعلق بموقف تركيا.

وانتقد مصدر رسمي بيانا لدول الخليج العربية التي خرجت عن صمتها المستمر منذ شهور أمس السبت للتعبير عن قلقها إزاء أعمال العنف في سورية.

ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية قوله إن الدول الست أعضاء مجلس التعاون الخليجي تجاهلت عمليات "القتل والتخريب" التي ذكر أن جماعات مسلحة نفذتها.

وبث التلفزيون الرسمي السوري لقطات مصورة لأسلحة ذكر أنها صودرت على الحدود مع لبنان. كما نقلت الوكالة عن مصدر مسؤول قوله إن 13 جثة مشوهة لأفراد من قوات الأمن عثر عليها في نهر العاصي قرب حماة أمس السبت وإن جنديين قتلا قرب حمص.

وفي حماة قال سكان إن الجنود داهموا منازل واعتقلوا عشرات الأشخاص بينما كانت الدبابات والمركبات المدرعة منتشرة في أنحاء المدينة في أعقاب حملة استمرت أسبوعا قال ناشطون ان 130 شخصا قتلوا خلالها. وقدرت جماعة للناشطين العدد الإجمالي للقتلى بأكثر من 300 مدني.

وسحق الرئيس السابق حافظ الاسد والد بشار انتفاضة إسلامية مسلحة في حماة قبل 30 عاما وقتل عدة آلاف من السكان ودمر مناطق في الحي القديم بالمدينة.