تقتضي قوانين الطبيعة وفطرة الوجود الإنساني الانسجامَ مع سنن الحياة الشاقة، التي قد لا تتغير ولا تلين مع مرور الزمن وتغير الأحوال، إذ تميّزت المخلوقات -على اختلاف فصائلها وتباين منطقها- بمهارات فطرية سامية، إرادية ولا إرادية، أودعها الرحمن في ذواتها وأرواحها، كي تمكّنها من تكييف قلوبها النابضة مع طبيعة الحياة، لتنجو من الأخطار وتتشبث بالوجود الزائل،

ولجبر كسر خواطرها وتبريد وخز آلامها، لتروي عطش الأحاسيس الملتهبة، العاجزة عن تحقيق أمانيها، وإزاحة الم أحزانها.

ويقينا، فإن للحياة مسلمات ثابته لا يُستجدى تغيرها أو إيقافها ولا تُنكر كينونتها ووجودها. فلا مناص من وقوع الأقدار وتجرّع الأحزان، ومن تفاوت أفهام الناس وتعدد ثقافاتهم، ومن تباين أجناسهم ومعتقداتهم.


ونؤمن بأن الإنسان محدود القدرات، فهو محدود السمع، محدود البصر، محدود العلم، محدود البصيرة، فلن ينال أكثر مما كُتب له، مهما توهم أو حاول أن يبلغ الكمال، فلا كمال مطلقا للمخلوقات في هذه الحياة.

نعلم أن الجمود والغلظة والأنانية وسوء الأخلاق، طباعٌ فاسدة، وآفات مهلكة، تستهويها العقول المريضة لجهلها، وتدفعها القلوب السليمة لإيمانها بالله.

نعلم أن تقدير إنسانية الآخرين واحترامهم ومحاولة قضاء حوائجهم، مفاتيح لأسرار نجاح العلاقات الإنسانية وتطورها، ومنهاجٌ للنفوس العظيمة التي تحمل الحب والمودة والصفاء والنقاء والتسامح.

نعلم أن دوام الحال من المحال، فهذه سنة الله الكونية في عباده، تبدل الأحوال وتغيرها من حال إلى حال، منها ما قد يسر ويجلب السعادة، ومنها ما قد يؤلم ويجلب الأحزان، ولن نجد سلاحا أنجع من الصبر في الضراء والحمد في السراء. فإن أظلمت في المغرب السماء وتلبّدت بسحب المزن الرواكم، ففي سماء المشرق نور وضاح وضياء منير.

عشرون عاما أمضيتها مدرّبا للغة الإنجليزية في الكلية التقنية بأبها، مرّت السنون بأحداثها وحوادثها المرة والحلوة، وقد اقترب الرحيل إلى الكلية التقنية الثانية، عسى أن يكون انتقالا موفقا.

هنا، لابد أن أشيد بقائد الكلية التقنية في أبها، وعميدها الحسين سالم عثمان، ذلك الرجل الخلوق صاحب الرؤية الثاقبة والعقل الراجح، ويشرفني أني عملت معه خلال الفترة السابقة، إذ انضممت إلى عضوية مجلس الكلية لمدة عام تدريبي، عرفته عن قرب، وقد أدركت دوره الفعال في خدمة الكلية والعملية التدريبية، وخدمة الزملاء ونجاح العمل الإداري. نسأل الله للجميع التوفيق والسداد.