في حياتنا لا يوجد صحيح مطلق ولا خطأ مطلق، فيما عدا -بالطبع- ثوابتنا الشرعية وقيمنا الحسنة، وإنما في تصرفاتنا وردور أفعالنا وحكمنا على الآخرين وحكم الآخرين علينا وما إلى ذلك.

نعم ليس هناك صحيح تجزم بصحته ولا خطأ مطلق لا يساورك شك في أنه خطأ.

إن ما تعتقده اليوم صحيحا قد يحتمل الخطأ في الغد، وبعد غد يتضح لك أنه خطأ واضح كوضوح الشمس أيضا - في وجهة نظرك-، وكل هذه الاحتمالات وآراؤك فيها هي لموقف أو موضوع واحد فقط من مواضيع حياتك الكثيرة والمتشابكة، فما بالك بحياتك كلها، وعلى ذلك فقس.


إن أي وجهة نظر نتبناها وننظر لرأي الآخر على أنه خطأ، فقط لأنه مخالف لنا، ونصفه أحيانا بأوصاف جائرة كضيق الأفق وعدم الإلمام بالموضوع ونحوه، هذا ما يجب علينا أن نتجنبه فورا، لأنه وبعد برهة من الزمن قد يتبين لنا أن رأي المخالف هو الصواب، ورأينا كان الخطأ بعينه.

لو استعرضنا شريط حياتنا بما فيها من مواقف وردود أفعال وحوارات، وكيف أن وجهات نظرنا في كثير من الأمور كانت السنين كفيلة بتغييرها للنقيض أو تغييرها جزئيا على الأقل، عندها فقط سندرك أن ما نتصوره اليوم من ردود أفعال تجاه المواقف التي نواجهها قد يتغير بعد عدة أعوام كما حدث لنا في الماضي تماما.

وعلى هذا فإنه ينبغي علينا جميعا إتاحة الفرصة للآخر لإبداء وجهة نظره من غير تجريح أو استنقاص منها، وأن نكون على يقين بأننا باحتوائنا وقبولنا الآخر نفتح نافذة جميلة نحو التناغم الاجتماعي والتعايش الإيجابي بين بني البشر، كما أنه أيضا يشعرنا بمعجزة الخالق سبحانه لهذا الإنسان المختلف والمتنوع، الذي باختلافه ينسج نسيجا ثقافيا وعمرانيا واجتماعيا فريدا.

ولا يزال هذا الاختلاف - الجميل - بين الناس هو من يصنع الجمال والإنجاز الذي نشهده في عالمنا يوما بعد يوم.