تدخل خبراء ومهتمون بالآثار أخيرا، للمطالبة بإنقاذ سفن عثمانية غارقة قبالة شاطئ القنفذة، منذ نحو 100 عام، بعد أن شرعت آليات إحدى الشركات في تقطيعها، بغية إنشاء مرفأ للصيادين.

وجاء الحل المقترح، باتباع طرق حديثة لانتشال السفن والاستعانة بالمختصين، وضمها إلى متحف المحافظة قبل أن تحرمها الآليات الحديدية قيمتها التاريخية.

وعلى أمتار قليلة من شاطئ القنفذة، أثارت الأجزاء العليا من هذه السفن الأنظار طوال قرن، وبحسب المؤرخين، هاجم أسطول إيطالي حربي مرفأ المدينة على ساحل البحر الأحمر، فأغرق أربع سفن عثمانية من خفر السواحل كانت راسية هناك وقتذاك.

ويؤكد عضو اللجنة الاستشارية في الهيئة العامة للسياحة والآثار الدكتور أحمد الزيلعي، أن الهيئة تدرك أهمية التنقيب في هذا الأسطول، متوقعا أن تتوصل إلى ممتلكات وتجهيزات عسكرية إذا ما بدؤوا المهمة.

ولفت إلى أن الهيئة معنية بهذا الموضوع، متأملا الانتهاء إلى معطيات أثرية وتاريخية تساعد في إعادة تأهيل الميناء الذي غرقت قبالته السفن.

في حين اكتفى مسؤولو المشـروع بتسجيل لقطات فيديو والتقاط صور للسفن أثناء تقطيعها، قبل تسليم ما تبقى منها إلى "هيئة السياحة"، بحسب مدير الفريق، المهندس زياد صالح.




طالب مهتمون ومختصون بالآثار بانتشال السفن الغارقة منذ أكثر من 100 عام قبالة شواطئ القنفذة، وضمها لمتحف القنفذة قبل أن تتآكل ويصعب الاستفادة منها مسقبلاَ. فيما انتقد آخرون تقسيم الشركة المنفذة لمشروع مرفأ الصيادين بالقنفذة السفينة الأولى وتفكيكها إلى قطع لتسهيل انتشالها، ذاهبين إلى أن ذلك يفقدها قيمتها التاريخية والآثارية داعين إلى الاستعانة بالخبراء والمختصين عند انتشال بقية السفن الثلاث الغارقة. وقال الباحث غازي بن أحمد الفقيه إن هذه الآثار الغارقة تتمثل في مجموعة من السفن العسكرية العثمانية الضخمة التي كانت ترابط في مرفأ القنفذة لحمايته هو والحامية العثمانية المتمركزة في القنفذة قبل أكثر من مائة عام.

الفقيه أشار إلى أن المصادر التاريخية ذكرت قصة تدمير وإغراق تلك السفن نتيجة لمساندة إيطاليا لقوات محمد بن علي الإدريسي حاكم صبيا أثناء مهاجمته الحامية العثمانية المرابطة في القنفذة عام 1329هـ / 1912 م ، فقد ذكر المتصرف العثماني سليمان شفيق باشا في عسير في مذكراته أن السفن الإيطالية الحربية هاجمت مرفأ القنفذة فأغرقت أربع سفن عثمانية من سفن خفر السواحل الراسية في المرفأ وأسرت سفينة أخرى كانت خارج المرفأ وأن السفن الإيطالية وجهت مدافعها إلى مستشفى عثماني يرفرف عليه الهلال الأحمر ولم تسلم من قصف النيران منازل سكان القنفذة فاستشهد من الأهالي 25 شهيدا من الرجال والأطفال والنساء وجرح خمسة أشخاص ولم تخسر الحامية العثمانية من رجالها سوى قتيل واحد وثلاثة جرحى بسبب تحصنها في خنادقها.

وتابع الفقيه: اتفق محمد بن أحمد العقيلي مؤلف كتاب الجنوب العربي في التاريخ الجزء الأول المسمى المخلاف السليماني في طبعته الأولى 1358هـ مع المتصرف العثماني في تعليقه على تحقيقه الصادر عن نادي أبها الأدبي 1405هـ على أن عدد السفن العثمانية العسكرية الغارقة في مياه البحر الأحمر قبالة شواطئ القنفذة كان أربع سفن تتبع لخفر السواحل العثماني، مشيرا إلى أن تقسيم الشركة المنفذة لمشروع مرفأ الصيادين بالقنفذة السفينة الأولى إلى قطع كي تستطيع انتشالها قد يفقدها بعض قيمها التاريخية والآثارية داعيا إلى الاستعانة بالخبراء والمختصين عند انتشال بقية السفن الثلاث الغارقة مع الاستئناس برأي هيئة السياحة والآثار صاحبة الشأن والتنسيق مع مؤسسة الموانئ لنضمن سلامة بقية السفن وضمها بعد انتشالها لمتحف القنفذة الزاخر بالنقوش والآثار الإسلامية والأدوات التراثية والوثائق التاريخية والتي ستسهم في إبراز دور القنفذة التاريخي والحضاري ويعيد لميناء القنفذة تلك المكانة المرموقة التي كان يحظى بها على عهد موحد البلاد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه وخصوصا عندما وصف ميناء القنفذة بأنه ميناء الوطن وأذن لحجاج جنوب شرق آسيا والهند بالنزول فيه قبل أن يتيسر له فتح ميناء جدة.

أما أستاذ التاريخ والآثار بجامعة الملك سعود عضو اللجنة الاستشارية للآثار والمتاحف بهيئة السياحة والآثار الدكتور أحمد بن عمر الزيلعي فأكد أن هذه السفن هي بقايا للأسطول العثماني الذي دمره الإيطاليون وظلت هذه السفن غارقة بالبحر ولا يرى منها حاليا إلا أجزاء بسيطة تظهر على السطح وأن قطاع الآثار والمتاحف بالهيئة العامة للسياحة والآثار يدرك أهمية التنقيب عن هذه الآثار، وأسطول كهذا لابد أن على ظهره بعض الممتلكات وربما الأموال والتجهيزات العسكرية وغير العسكرية، وهيئة السياحة مختصة بذلك ونأمل أن تكشف هذه الجهود ما نتوقعه من معطيات أثرية وتاريخية تساعدنا في إعادة تأهيل ميناء القنفذة الواقعة قبالته هذه السفن فقد لعب الميناء آنذاك دورا مهما في تنشيط الحركة التجارية للظهير الجغرافي التهامي والسروي للقنفذة والذي تشغله حاليا منطقتا عسير والباحة كما ساهم في استقبال الحجاج والبريد الخارجي في عهد الملك عبدالعزيز، كما أن للقنفذة تاريخا مهما في العصور القديمة والإسلامية وفي العصر العثماني بوصفها ميناء عسير الأول، وهو (ميناء القنفذة ) أول ميناء اتخذه الملك عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ على البحر الأحمر حينما كان محاصرا لجدة ، وقد كانت القنفذة منطقة إدارية مستقلة حتى مطلع الثمانينات حيث تحولت لإمارة تابعة لمنطقة مكة المكرمة، ونأمل أن تصبح منطقة إدارية مستقلة لما تمتلكه من كثافة سكانية واتساع جغرافي ومستقبل سياحي واعد.

يذكر أنه بدأ في الشهر الماضي وعن طريق إحدى المؤسسات الوطنية المتخصصة رفع أنقاض السفينة الحربية العثمانية الغارقة بمدخل مرفأ الصيادين بالقنفذة والتي يبلغ طولها 60 مترا تقريبا بعرض 12 مترا ، وأوضح المهندس زياد صالح مدير المشروع أن الشركة استلمت مهمة انتشال السفينة في 28 /5 /1432هـ حيث تم البدء بالتوثيق الأثري للمركب بالتسجيل والفيديو والصور ومن ثم تقطيع أول جزء منه ورفع الأتربة والطمي والحيوانات البحرية ( الأحشاف البحرية ) والمرجانية ومن ثم استكمال تقطيع بقية الأجزاء ورفع السفينة للشاطئ وتسليمها لهيئة السياحة والآثار لتتولى فيما بعد الاستفادة منها.