الواثق من نفسه يجيد مهارات التفكير، ويعترف بأخطائه ويزعجه المدح في وجهه، ويتمتع بدرجة عالية من الذكاء ومهارات الاتصال والتواصل مع الآخرين، وقدر من المجاملة التي لا تنافي الاعتراف بالحقائق دون أي مبالغة عند التصريح برأيه، والتعامل مع الآخرين وهو مبادر ومعطاء ولا يتردد ويرى كل شيء إيجابيا وقابلا للإصلاح والتطوير، وأنه مسؤول وجزء من أي نهضة وتنمية، أما غير الواثق من نفسه فهو مضطرب نفسيا، ومشاعره السلبية تنعكس على حديثه وتعامله، وحتى على رأيه وتعليقاته تجاه المواقف، والظروف المحيطة به وتجاه مجتمعه ودينه وأمته، ويظهر ذلك جليا من خلال كثرة جلد الذات بالنقد السلبي، فعدم ثقته بنفسه يجعله لا يثق بأي شيء. غير الواثق كذلك يطرب للمدح والثناء الدائم، ويتلذذ بانتقاص الآخرين والتقليل منهم، ولا يستطيع الحديث أمامهم أو بالتعبير عن رأيه وما بداخله ولا عن حقوقه، فهو ضعيف الاتصال والتواصل بهم، ويغلب عليه الخوف واللجوء للكذب، وأما الثقة الزائدة فهي تؤدي للغرور (تضخم الأنا) الذي يتولد من مشاعر النقص للتعويض بسبب حالة نفسية داخلية ملازمة لمن يمارسون هذا السلوك، والذي يظهر أحيانا من خلال المباهاة بالنعمة وإظهار المكانة الاجتماعية أو غيرها.
إشكالية الثقة لدى البعض ليست وليدة اللحظة، ولكن منشأها غالبا منذ الصغر بسبب مقارنة الوالدين أولادهم بالآخرين، وهذا يولد بداخلهم مشاعر الكراهية والمنافسة السلبية التي تجعل الحياة في نظرهم حلبة صراع لا تحتمل سوى الانتصار أو الخسارة، فيكبرون على ذلك. وهذا ما يفسر أحيانا كثرة فضول البعض وتدخلهم وأسئلتهم لغيرهم عن مرتبهم الشهري، وما يملكون وإلى أين يذهبون وماذا يفعلون، ليقارنوا أنفسهم بهم، فهذا في نظرهم معيار التفاضل والتميز؟!. والحماية الزائدة للأولاد أيضا تمنع عنهم الثقة والاستقلالية، ولنزيد الثقة يجب ألا نقارن أنفسنا بالآخرين، فهم بشر وليسوا معصومين من الخطأ، وبالإضافة إلى ما سبق فإن تطوير الشخصية والمعلومات ومعايشة التجارب الناجحة تولد وتزيد الثقة بالنفس، سواء في الدراسة أو العمل أو الزواج وفي أي مجال، وقبل كل ذلك فلنتعلم كيف نحب ذواتنا.