هذا ما يجب أن يصل إلى فهم أولادنا وإلى كثير من الناس، حتى لا تغيب عنهم الحكمة مما يحدث في الكون بأمر الله -سبحانه وتعالى- وتدبيره، لأن فيما يحدث من كسف وخسف وغير ذلك فيه «درس إيماني كبير وعميق»، يعمق في الإنسان إيمانه في ربه سبحانه وتعالى، وفي قدرته وقوته وحكمته وملكوته، وأيضا يبين للإنسان ضعفه وقلة حيلته وعجزه أمام جبروت الله وعظمته، ويكشف للإنسان جزءا من أسرار الكون وإبداع الخالق في خلقه السموات والأرض وما بينهما، وإن في حدوث الكسوف والخسوف، وفي حدوث أي أمر في الكون من متغيرات، يجعل نواميس الكون تتغير وتتبدل، أن فيها -بدون أدنى شك- تنبيها، وفيها رسائل يستقيها الإنسان تدعوه إلى اليقظة، كي يصحح مسار حياته وعلاقته بربه وعلاقته بدينه، وفي كل معاملاته في الحياة، فلا يوجد إنسان كامل في الحياة أو يدّعي الكمال، لأن الكمال لله وحده جلّ في علاه سبحانه وتعالى.
لهذا فإنه من الأمور الجيدة في استثمار مثل هذه الأحداث الكونية في توعية الناس بأمور دينهم ودنياهم، ليجددوا علاقتهم بالمساجد والقرآن الكريم، وعلاقتهم بالصلاة كأعظم شعيرة فرضت عليهم من أمور دينهم العظيم، فهي الصلة بين العبد وربه، وبالأذكار، وهذا أمر مهم، والأمر الآخر أن يتفكروا في عظمة الخالق سبحانه وتعالى، وكيف أنه -سبحانه وتعالى- بيده مقاليد السموات والأرض، فهو من خلق الليل والنهار، والشمس والقمر، وهو من أجرى الكواكب والنجوم، وما من شيء في السموات والأرض، صغر أو كبر، ظهر لنا أم خفي علينا، إلا بيده سبحانه وتعالى مقاليده، وبأمره تسييره ونظامه، وأن هذا الكون العظيم بما فيه من مخلوقات، نعلمها أو لم يصل إلينا العلم بها، إنما هي تسير وفق نظام رباني محكم ومعلوم من الله، جلّ في علاه، ومن ذلكم الشمس والقمر، فسبحانه عظم شأنه، وهو القائل في محكم تنزيله «وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم، والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون»، ولنا أن نتخيل كيف لو كانت كل أيامنا نهارا، أو كيف لو كانت أيامنا كلها ليلا كيف شكل حياتنا! يقول أبو العتاهية «ولله في كل تحريكة.. وفي كل تسكينة شاهد/ وفي كل شيء له آية... تدل على أنه الواحد»، اللهم أحسن ختامنا واحفظ لنا وعلينا ديننا.