في اليوم الثالث من المشاورات المتواصلة في مجلس الأمن تمكن أعضاء مجلس الأمن اليوم (الأربعاء 2011/08/03) من الاتفاق على نص "يدين" القمع الذي يقوم به نظام بشار الأسد في سورية ضد المتظاهرين.
ومن المقرر أن يصدر هذا النص على شكل بيان، وجاء فيه أن الدول الأعضاء في المجلس "تدين الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان واستخدام القوة ضد المدنيين من قبل السلطات السورية".
وستكون هذه المرة الأولى التي يصدر فيها مجلس الأمن موقفا من الاحتجاجات الواسعة ضد نظام الأسد التي بدأت في الـ15 من مارس الماضي والتي أدى قمعها إلى سقوط أكثر من ألفي شخص معظمهم مدنيون، حسب منظمات حقوقية.
وكانت بريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال قدمت مشروع قرار إلى مجلس الأمن ووجه برفض من روسياة والصين اللتين تملكان حق النقض. إلا أن تدهور الأوضاع في سورية وسقوط نحو 140 قتيلا الأحد الماضي وحده، دفع المترددين إلى اتخاذ موقف ولو على شكل بيان بدلا من قرار.
وعلم أن نص البيان أرسل إلى حكومات الدول الـ15 للموافقة عليه قبل عرضه على التصويت.
وتعرب الدول الـ15 في بيانها عن "قلقها الشديد إزاء الوضع المتدهور في سورية، وعن أسفها العميق لمقتل المئات من الناس، وتدعو إلى الوقف الفوري لكافة أعمال العنف، كما تدعو جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس والامتناع عن الأعمال الانتقامية بما في ذلك شن هجمات على المؤسسات الحكومية".
كما تدعو السلطات السورية "إلى الاحترام الكامل لحقوق الإنسان وتنفيذ التزاماتها بموجب القانون الدولي، ومحاسبة المسؤولين عن العنف".
وإذا كانت هذه الدول "تأخذ علما بالالتزامات التي أعلنتها السلطات السورية بالإصلاح" فإنها بالمقابل "تأسف لعدم حدوث تقدم في تنفيدها وتدعو الحكومة السورية إلى الوفاء بالتزاماتها".
كما أنها "تعيد تأكيد التزامها القوي بسيادة واستقلال ووحدة أراضي سورية، وتؤكد على أن الحل الوحيد للأزمة الحالية في سورية هو من خلال عملية سياسية شاملة يقودها السوريون بهدف تلبية التطلعات المشروعة للشعب بطريقة فعالة تتيح الممارسة الكاملة للحريات الأساسية للشعب بأكمله بما في ذلك حرية التعبير والتجمع السلمي".
كما يدعو البيان السلطات السورية إلى "السماح بدخول المنظمات الإنسانية الدولية والعاملين فيها بسرعة إلى سورية ودون أية عوائق والتعاون الكامل مع مكتب المفوض الأعلى لحقوق الإنسان".
وأخيرا طلبت الدول الـ15 من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون "اطلاع مجلس الأمن على الوضع في سورية خلال 7 أيام".
ويبدو أن تعديلات أجريت على النص الذي تم التداول به الثلاثاء ما دفع روسيا إلى التوقف عن التهديد باستخدام حق النقض. وقال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين أن النسخة الجديدة "متوازنة".
وقبل الأحداث الدامية التي وقعت الأحد الماضي وخصوصا في حماة، كانت روسيا والصين ودول أخرى مثل البرازيل وجنوب أفريقيا تعارض إصدار موقف من الأحداث في سورية متخوفة من أن يفتح هذا الأمر الباب أمام تدخل عسكري في سورية كما حصل في ليبيا.
بالمقابل كانت الدول الأوروبية صاحبة مشروع القرار والولايات المتحدة تؤكد أنه لا نية لديها على الإطلاق للتدخل عسكريا في سورية.
ويبدو أن أحداث حماة الأخيرة والمعلومات حول محاصرة الدبابات لهذه المدينة ومدن أخرى دفعت الدول المترددة إلى الموافقة أخيرا على هذا البيان.
وجرى نقاش حول طريقة إخراج هذا النص فعارضت روسيا والصين إصداره على شكل قرار لذلك تم الاتفاق على أن يكون على شكل بيان.
إلا أن البيان يمكن أن يتسبب بمشاكل للبنان الذي يقيم علاقات معقدة مع سورية، لذلك يسعى الدبلوماسيون لإيجاد وسيلة تحول دون أن يكون لبنان مشاركا مباشرة في هذا البيان.
وأعرب الأوروبيون عن ارتياحهم لهذا الاتفاق معتبرين أنه يبقي على القسم الأكبر من العناصر القوية فيه والتي قاتلوا من أجل الإبقاء عليها.
وخلال المناقشات كانت روسيا مع دول أخرى تطالب بأن تتم إدانة أعمال العنف الصادرة عن المتظاهرين أيضا إلى جانب إدانة قمع قوات الأمن السورية.
إلا أن دبلوماسيا غربيا اعتبر أن هذا الطلب "لم يكن منطقيا"، وقال السفير البريطاني لدى الأمم المتحدة مارك ليال غرانت "شرحنا موقفنا بشكل واضح وكانت لدينا عدة خطوط حمراء ما كان يمكن أن نقبل بتجاوزها".
ومن المتوقع أن تعقد جلسة إقرار البيان الساعة 19,00 فيتم التصويت عليه قبل إصداره.