كنت قد تحدثت عن حادثة جمال خاشقجي -رحمه الله- في حينها، وكنت أؤكد وأعتز بنزاهة القضاء السعودي، وأثق فيه تمام الثقة، حالي حال أبناء وطني الغالي، وما أشبه الليلة بالبارحة، فها هي النيابة العامة في مؤتمرها الصحفي لا أقول «تسدل الستار» كما قال البعض، بل أقول تكشف الستار، وتطلع الرأي العام على كل التفاصيل، وتنتهي بالحكم الشرعي الذي سمعه الجميع، وتصدر براءة المستشار سعود القحطاني، واللواء أحمد عسيري.

أحداث تابعها الجميع ولا تخفى على أحد، لكن ما أريد أن ألمح إليه هو نظرتي، على طريقة أبي فراس الحمداني، الذي كان يصف المعارك من بعيد، فيرى أمورا قد لا تجلو لمن عاش في غمراتها.

بذلك، فإني رأيت أن ألقي نظرة على الحادثة من «أفق أعلى»، على المستوى الدولي تحديدا، رأيت كثيرا من الأصوات الخارجية والأحزاب وحتى الدول، كنا نظن بها الوفاء، فبادرتنا بالجفاء، ومنهم أقوام «لحم أكتافهم» من خيرنا، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟!


الحال نفسه مع بعض الجهات الإعلامية والصحفيين وكتاب الرأي، سقطت عنهم الأقنعة، وتبين لنا عمالتهم وزيغهم، وقد يستاء البعض من هذين الأمرين، إلا أنني عندما أعود للنظر مرة أخرى من أفق أعلى، فإني أشعر بالسعادة لأمرين مهمين:

الأول: أن الأقنعة سقطت، وماز الله الخبيث من السيئ، وعرفنا العدو من الصديق.

الثاني: هو قوة التحام هذا الشعب العظيم، الذي سماه ولي العهد هكذا، حول قيادته وحكامه، في صورة كسرت نفوس الحاقدين وخيبت آمالهم، وأظهرت لهم نتائج عكس ما كانوا يرجون تماما.

وعلى رأس هذه الأحزاب والدول التي رأيتها شخصيا من ذلك الأفق العلي، حزب الإخوان البائد ووالدته الحنونة قطر ورأسها السام إيران وذيلها التركي. هنا أضيفت لقناعاتنا قناعات أخرى، أولا بتجريم موقفهم، وبإفشال مخططاتهم بحمد الله أخيرا.

قبل الختام، فإن هذه الأزمة العالمية أثبتت -بما لا شك فيه- أن المملكة العربية السعودية دولة حضارية نزيهة، أخضعت كل من وجهت له الشبهة للإجراءات القضائية، فلا أحد فوق القانون، والجميع سواء.

كما أثبتت حكمة المملكة المعهودة وترويها، وعدم الإصغاء للأصوات المناوئة مهما زادت ضراوتها.

أما ختاما، فإني أهمس في أذن الجيل الشاب خصوصا، بعبارتين: «كل ذي نعمة محسود»، و«نحن مستهدفون»، فالتفوا حول قيادتكم وشعبكم، وأغلقوا آذانكم عن الجراثيم السمعية التي تنبثق من القلوب الحاسدة، واعلموا أن الله قد اختار هذه الأسرة المباركة اختيارا، لحفظ حمى الحرمين الشريفين، وأن مجريات الأقدار لا تسير هكذا بل هو اصطفاء إلهي لن ننفك عنه ولن ينفك عنا، وأنعم به من التحام.. ودمتم بود.