قال الله تعالى في سورة النساء: «إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا». وقال النبي، صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ: الْيَتِيمِ وَالْمَرْأَةِ». وأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- باجتناب السبع الموبقات وذكر منهن: أكل مال اليتيم.
وقال تعالى في سورة الإسراء: «وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا». قال الشيخ السعدي -رحمه الله- عند هذه الآية: «هذا من لطفه ورحمته تعالى باليتيم الذي فقد والده وهو صغير، غير عارف بمصلحة نفسه ولا قائم بها، أن أمر أولياءه بحفظه وحفظ ماله وإصلاحه، وألا يقربوه «إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ» من التجارة فيه وعدم تعريضه للأخطار، والحرص على تنميته، وذلك ممتد إلى بلوغه وعقله ورشده، فإذا بلغ أشده زالت عنه الولاية وصار ولي نفسه ودفع إليه ماله»، فمن ولي شيئا من حقِّ يتيم فليحفظه، فإنَّه مسؤول عن ذلك يوم القيامة، كما أنَّ الإسلام حثَّ على كفالة اليتيم وجعل جزاء كافله عظيما، قال النبي، صلى الله عليه وسلم: «أَنَا وَكَافِلُ اليَتِيمِ فِي الجَنَّةِ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى، وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا». قال النووي رحمه الله: «كَافِلُ الْيَتِيمِ الْقَائِمُ بِأُمُورِهِ مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَتَأْدِيبٍ وَتَرْبِيَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ». وقَالَ ابن بَطَّالٍ رحمه الله: «حَقٌّ عَلَى مَنْ سَمِعَ هَذَا الْحَدِيثَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ لِيَكُونَ رَفِيقَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي الْجَنَّةِ وَلَا مَنْزِلَةَ فِي الْآخِرَةِ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ».
والمؤمن يحسن إلى اليتامى ويُعامل أحدهم كما يُحبُّ أن يُعامل ولده من بعده، ولا يسيء إلى اليتيم ولا يحتقره ولا يقهره، قال تعالى في سورة الضحى: «فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ».
ومن فوائد الإحسان إلى اليتامى حصول لين القلب، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه: أَنَّ رَجُلًا، شَكَا إِلَى رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- قَسْوَةَ قَلْبِهِ، فَقَالَ لَهُ: «إِنْ أَرَدْتَ أَنْ يَلِينَ قَلْبُكَ، فَأَطْعِمِ الْمِسْكِينَ، وَامْسَحْ رَأْسَ الْيَتِيمِ». ومن فوائد الإحسان إلى اليتامى وكفالتهم، حصول تماسك المجتمع وقوته، وحُسن الترابط بين أفراده، لوجود الألفة والمحبة بينهم، ذلك أنَّه مجتمع حفظ حقوق اليتامى وأحسن إليهم، ولم يتركهم هملا، وكذلك بشرى لمن كفل يتيما بصحبة النبي -صلى الله عليه وسلم- في الجنة، وهي منزلة عظيمة وشرف كبير.