عندما يطرح الحديث عن أي قضية تخص النساء، ومن أجل استدرار العطف، أو ليكون الوقع أقوى في حالة شرح الحالة؛ يتم البحث في قاموس النساء وخاصة المطلقات والأرامل، فيتحدثون عنهن وكأنهن الوحيدات في هذا الكون العالة على المجتمع.

أصبح كل مشروع خيري يقام، يُصدر بصفة المرأة المطلقة والأرملة لجلب الشفقة والتعاطف مع القضية المطروحة وكأن كل قضايا النساء تلخصت في هاتين الصفتين، فلا ذكر للمعلقة ولا المعنفة ولا السجينة ولا المريضة الفقيرة ولا اليتيمة أو المهجورة..

هكذا يطلق هذا التعبير جزافا حتى بات متداولا كصفة تطلق على كل من حالتها الاجتماعية فرضت عليها هذا الوضع، وهو دليل على الضعف والحاجة والذل.

إن المرأة المطلقة أوالأرملة قد تكون أستاذة جامعة تدير مؤسسة علمية، أو طبيبة تعالج المرضى، أو معلمة، أو مديرة مؤسسة مالية، أو سيدة أعمال تدير عملها الخاص باقتدار، أو داعية مخلصة.

إنها ظروف الحياة وقدر الله وما شاء فعل، وله حكمة، ولا يستوي أن يكون المجتمع في كل العصور إلا مختلفا..

المجتمع لا يسبغ صفة الضعف على الرجل عندما يكون مطلقا أو أرملا، بل لا يأتي على ذكره نهائيا عند الحديث عن الحاجة أو الضعف، وقد يكون في حقيقة الأمر الأشد احتياجا للشفقة، لأن المجتمع كبله بقيود القوة والقدرة والتوازن حتى أحرجه، وإن كان فقيرا متعففا أو مريضا أو صاحب حاجة لأي مساعدة مهما كان نوعها.

هي ثقافة يؤطر لها الإعلام بأدبيات مفروضة يتداولها كل من يكتب أو يتحدث دون الأخذ في الاعتبار التفكير في حقيقة المسميات والزج بها بإنشائيات وبكائيات.

إن طلاق امرأة قد يكون بإرادتها، وإن تترمل فإنه لاحيلة لها أمام قضاء الله، أما أن تستخدم هذه الحالة الاجتماعية للإشارة إلى الضعف والفقر والحاجة والذل فهذا غير مقبول.

وماذا عن الحالات الأخرى؟ يحتاج الإعلام وهو الذي يقود الرأي العام عند الحديث عن قضايا المرأة إلى مراعاة أصول المسميات وحساسية ما يطرح، ليس من باب الذوق واللطف فقط، بل الاحترام لكيانات فاعلة، والمرأة نفسها تجاوزت كل المسميات وهي قوية ما دامت قادرة على العطاء والتفاعل مع ما حولها.