توصل الرئيس الأميركي باراك أوباما والكونجرس في اللحظة الأخيرة مساء الأحد إلى اتفاق لرفع سقف الدين يحول دون تعثر أميركي لكان تسبب بكارثة للاقتصاد العالمي، وذلك قبل يومين من انتهاء المهلة التي حددتها الخزانة.
وقال أوباما متحدثا من البيت الأبيض أريد أن أعلن أن المسؤولين في الحزبين في كلا المجلسين (النواب والشيوخ) توصلوا إلى اتفاق سيخفض العجز العام ويجنب التخلف (عن سداد المستحقات)، وهو تخلف لكان تسبب بنتائج مدمرة لاقتصادنا".
وسيسمح الاتفاق في حال أقره الكونجرس قبل منتصف ليل الثلاثاء (4,00 تغ الأربعاء) بتجنيب الإدارة الأميركية التعثر في سداد مستحقاتها خلال الأيام المقبلة.
وأعلنت زعيمة الأقلية الديموقراطية في مجلس النواب نانسي بيلوسي في بيان مقتضب "جميعنا متفقون على أنه لا يمكن لبلادنا التخلف عن واجباتها" واضافت عشية اجتماع مع اعضاء أقليتها الذين سيعلنون موقفهم من الاتفاق "سوف أرى مع نواب حزبي في المجلس كيف يمكننا مساعدتها".
ولا تنص الخطة على أي زيادة في الضرائب، ما قد لا يوافق عليه يسار الحزب الديموقراطي.
وكان زعيم الأكثرية الديموقراطية في مجلس الشيوخ الأميركي هاري ريد سبق الرئيس بلحظات في الإعلان عن هذا الاتفاق في كلمة أمام المجلس قال فيها "يسرني ان يكون زعماء الحزبين تقاربوا لما فيه مصلحة اقتصادنا من أجل التوصل إلى اتفاق تاريخي بين الحزبين ينهي هذا المأزق الخطير"، مؤكدا أن "التسوية التي توصلنا إليها مميزة ليس فقط بما أنجزته بل بما تمنع حصوله: اول تخلف عن سداد الدين الأميركي".
بدوره خرج زعيم الاقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل من المجلس باسما، وقال إثر إعلان ريد عن التوصل إلى الاتفاق "إننا سعداء بأن الحزبين تمكنا من الاجتماع ووضع الخطوط العريضة لخطة سيكون بوسعنا أن نوصي بها في مجموعتنا (الجمهورية)".
وأوضح مسؤول اميركي طلب عدم كشف اسمه أن الاتفاق ينص على رفع سقف الدين العام بما لا يقل عن 2100 مليار دولار ما سيسمح للخزينة باستئناف الاقتراض بعد الثاني من أغسطس، وذلك حتى عام 2013 اي بعد الانتخابات في 2012.
وسيترافق هذا الإجراء مع تخفيض أولي في النفقات بمقدار ألف مليار دولار على أن يتم تشكيل لجنة خاصة من كلا الحزبين مهمتها تحديد أماكن الإنفاق التي ستشملها اقتطاعات اضافية بقيمة 1500 مليار دولار وذلك بحلول عيد الشكر في نهاية نوفمبر.
وفي حال عدم التوصل الى أي اتفاق حول الاقتطاعات الإضافية في الميزانية، يتم تطبيق آلية ملزمة تفرض بشكل تلقائي عددا من التخفيضات تشمل الدفاع وبرنامج الضمان الصحي للمسنين ميديكير.
غير ان مسؤولا في البيت الأبيض أفاد أن هذه الاقتطاعات التلقائية لن تطاول برنامجي الضمان الصحي وميديكير.
وتعثرت المفاوضات في الأيام الأخيرة عند هذه النقطة بصورة خاصة.
ويترتب على الغالبية الجمهورية في مجلس النواب المصادقة على الاتفاق الاثنين غير أن زعيمهم جون باينر أعرب عن تأييد لبنوده وقال خلال مؤتمر صحفي عن الدائرة الهاتفية مع اعضاء مجموعته "ليس هذا مثاليا، لكن حين ننظر فيه نرى انه تحديدا ما عملنا من اجله"، بحسب ما نقل مسؤول جمهوري.
وحصل الجمهوريون على تخفيضات ضخمة في الإنفاق بدون أن يقدموا أي تنازل في مسألة زيادة الضرائب على الأثرياء وإلغاء التخفيضات الضريبية التي تفيد منها الشركات الكبرى والتي ندد بها الرئيس نفسه مرارا.
وكان مجلس الشيوخ استبعد الأحد اقتراحا ديموقراطيا لرفع سقف الدين سبق أن رفضته الأقلية الجمهورية السبت.
وبعد رفض هذه الخطة التي طرحها ريد اتجهت الأنظار إلى المفاوضات الجارية بين الجمهوريين والديموقراطيين والبيت الأبيض لرفع سقف الدين المحدد حاليا بـ14294 مليار دولار قبل استحقاق الثلاثاء.
ومع تقدم المفاوضات قدم كل من الطرفين تنازلات غير أن مواقفهما بقيت على خلاف كبير إذ تمسك الجمهوريون بالاقتطاع من النفقات بشكل حاد فيما طالب الديموقراطيون بأن يترافق التقشف في الميزانية بزيادات في العائدات الضريبية يتحملها الأكثر ثراء.
وانعكس الإعلان عن اتفاق ارتياحا واضحا على الاسواق الاسيوية حيث سجل ارتفاع بنسبة 1,84% في بورصة طوكيو و1,79% في بورصة سول و1,54% في بورصة هونغ كونغ و1,97% في بورصة سيدني، فيما بقيت بورصة شانغهاي شبه مستقرة (+0,12%).
كذلك سجل ارتفاع واضح في الأسواق الأميركية مساء الأحد في المبادلات الإلكترونية وبحسب الأرقام التي نشرتها شبكة سي ان بي سي التلفزيونية على موقعها الإلكتروني قرابة الساعة 21.10 (1,10 تغ الاثنين)، فإن مؤشر داو جونز ارتفع بنسبة 1,51% الى 12271 نقطة فيما سجل ارتفاع بنسبة 1,45% في مؤشر ناسداك الى 2393 نقطة و1,57% في مؤشر ستندارد اند بورز 500 الى 1309 نقاط.
كما انتعش الدولار الاثنين في مواجهة العملات المرجعية وفي طليعتها الين حيث وصل سعر الدولار في الساعة 3,30 تغ إلى 77,58 ينا مقابل 76,73 الجمعة الساعة 31,00 تغ، غير أنه بقي ثابتا بالنسبة لليورو الذي سجل 1,4389 دولارا مقابل 1,4395 دولارا الجمعة.
وارتفعت أسعار النفط صباح الاثنين في المبادلات الإلكترونية في الأسواق الآسيوية فازداد سعر برميل النفط الخفيف لايت سويت كرود تسليم سبتمبر 1,23 دولار الى 97,23 فيما وصل سعر برميل نفط برنت بحر الشمال تسليم سبتمبر إلى 117,99 دولارا بارتفاع 1,25 دولار.
وبالرغم من الاتفاق الذي يسمح بتجنب الأسوأ على المدى القريب، ما زال المستثمرون يتساءلون حول قدرة الولايات المتحدة على التعامل مع مسألة دينها الطائل على المدى البعيد.
وحذر ريتشارد جريس اختصاصي العملات في بنك كومنولث الأسترالي "ما زال من المحتمل أن تخسر الولايات المتحدة علامتها ايه ايه ايه" بعدما كانت عدة وكالات للتصنيف الائتماني هددت مؤخرا بتخفيض العلامة القصوى التي تمنحها للدين الأميركي في حال عدم التوصل الى اتفاق.
وما عزز هذه التساؤلات صدور أرقام مخيبة للأمل الجمعة بشأن النمو الأميركي.