عرفتُ الحجيلان لاحقاً، ومن دون وسيط معرفي، يوم كان سفيراً استثنائياً لبلادي في فرنسا، ثم أميناً عاماً، لا يُنسى، لمجلس التعاون الخليجي. كنت صغيراً أتوق إلى لقاء ومصافحة هذه الشخصية الكاريزمية، ثم كبرتُ وكبرتْ طموحاتي فصرت أريد الجلوس مع الحجيلان والحديث معه. ثم انتقلت للعمل في باريس فالتقيت به هناك وصافحته وعانقته وجلست معه وتحدّث معي وتحدثت إليه، وزرته في بيته وزارني في بيتي، وتحقّق ما فاق طموحاتي بكثير، إذ أصبح الشيخ جميل الحجيلان يصفني أمام الآخرين بأنني «صديقه»، ويناديني بأبي غسان فأتطاول على قدميّ وأمدّ عنقي كي أقول له «يا أبا عماد». إذ ذاك أدركت أن الطموح يجب أن يكون بلا حدود وأن لا شيء مستحيل في هذه الحياة!.
لم يكن جميل الحجيلان عابراً في كل المواقع التي مرّ بها، فما زال اسمه يرد عند السعوديين في أي فرصة للحديث عن بواكير الإعلام السعودي. وما زال الفرنسيون يتذكرون هيبته الدبلوماسية التي وجدت آثارها هناك رغم مضي سنين طويلة على تركه السفارة. وما زال الخليجيون يتذكرون رصانة الأمين المتوازن وحكمته عندما تتأرجح المواقف والتصريحات.
ربما فكّر كثيرون في تكريم الشيخ جميل الحجيلان، لكنهم تهيّبوا من فِعل ذلك، فمن الذي يجرؤ على تكريم أول وزير إعلام وأشهر سفير في فرنسا وأثقل أمين للتعاون الخليجي؟ وماذا يقدّمون له عند التكريم، هل يشترون له (طقم أوسمة) ويعطونها إياه دفعةً واحدةً؟!
(منتدى الإعلام السعودي) كان شجاعاً قبل أمس في انطلاق دورته الأولى، وكأنها الدورة العاشرة في تنظيمها وأسمائها وعناوينها، وكان شجاعاً بما يكفي للإقدام على تكريم جميل الحجيلان، الذي أحسستُ حين دخل قاعة الاحتفال بهيبة جيل العمالقة الذي يكاد ينقرض.
كتابة مقالة طويلة عن جميل الحجيلان لن تُشبع الموضوع ولن تكفي للتعريف بأعماله ونجاحاته، فهو إما أن تؤلف عنه كتاباً مفصّلاً شاملاً، أو تكتب عنه مقالة قصيرة تبيّن فيها عجزك عن أن تفيه حقه!.