كشف كبير مستشاري العلوم والتكنولوجيا للتنمية المستدامة الدكتور محمد مراياتي لـ»الوطن» خلال مشاركته في مؤتمر «فكر17» المقام حتى 5 ديسمبر الحالي في الظهران تحت عنوان «نحو فكر عربي جديد» بالشراكة مع مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي «إثراء» أن هناك إشكاليات في تحقيق التنمية في الدول العربية، من ضمنها تهميش دور الشباب رغم أنهم العنصر الأساس في أي تنمية، وهم الذين يعملون على الأفكار الجديدة في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مؤكدا أن هذا لم يحصل في عدد من الدول العربية، ويجب إيجاد فرص عمل لهم في مجالات الإبداع والابتكار.

نشأة

أضاف مراياتي أن المنشآت الصغيرة والشركات تنشأ عن طريق الشباب غالبا في كافة الدول العربية، خاصة أن لديهم إمكانية الإبداع، وهذا لم تتم مراعاته في كثير من الدول العربية، لذا تنتشر البطالة بين الشباب، وهي قنبلة موقوتة، موضحا أن العمل على منهج فكري جديد يحتاج إلى عدد من العوامل منها التنمية الاحتوائية، بحيث يتم احتواء الجميع دون تهميش لأحد.


رفاهية

أضاف مراياتي أن رفاهية الإنسان وليس المال أو الربح هما هدف التنمية، مطالبا بألا نستهلك مواردنا الطبيعية، ونحرم الأجيال المقبلة منها، بحيث تبقى الموارد مستدامة، وذلك بتجنب الإساءة للبيئة، ودعم التنمية الخضراء.

وقال «تمتلك المملكة شواطئ يتجاوز طولها 1000 كلم، يمكن الاستفادة منها في المياه المحلاة بالطاقة الشمسية، وهذا سيوفر أمنا غذائيا مستداما للمملكة».

آراء مغلوطة

أشار مراياتي إلى أن الانقسام والاختلاف بين الشباب العربي في مواقع التواصل الاجتماعي موجود، ويقف خلفه ذوو الأفكار والآراء المغلوطة، وأنه يجب تعليم الناشئة أنه ليس كل ما هو موجود على الإنترنت يؤخذ بعين الاعتبار والجدية، مطالبا بعدم إقصاء أي فئة من فئات المجتمع، وأن تعزز سياسات الإندماج والوئام والسلم الاجتماعي، وبث روح المواطنة بين الشباب خاصة، وخلق خطط وبرامج تقوم على الدمج، ما ينتج مجتمعا مترابطا ومنسجما، مؤكدا أن هناك تقصيرا في العالم العربي لجهة محاربة سياسة الإقصاء، وما نراه من عدم الانسجام الاجتماعي في لبنان أو العراق أو سورية أو اليمن أو ليبيا أحد مظاهر عدم وجود استراتيجيات للانسجام الاجتماعي.

إبقاء على الثوابت

من جانبه، قال عضو هيئة التدريس في معهد القيادة والإدارة بالمملكة المتحدة الدكتور فهد السلطان لـ»الوطن» إن «العالم العربي مطالب بالإبقاء على الثوابت، والأخذ بكل مستجدات الحضارة سواء في الذكاء الإصطناعي، أو الاقتصاد الخلاق، أو ذكاء الأعمال، فإذا أخذ المجتمع العربي ما أنتجته الحضارة العالمية بيد، وأبقى على ثوابته بيد أخرى فنحن في خير».وحول وجود هوية جامعة توّحد العالم العربي، قال «لدى العالم العربي هوية واضحة، فلديه منهج يختلف عن كل العالم، حيث يجتمع تحت منهج الدين، وهذا أجمل مسار للهوية، فالقرآن يحث على العلم والتفكر والتدبر، وقد أثنى بشكل متكرر على أولي الألباب، والثابت الثاني هو اللغة، فكل الدول العربية تتحدث بلغة واحدة، بينما في أوروبا هناك 17 لغة، وفي أوروبا 24 دينا ولدينا دين واحد، وهذه مقومات ليست موجودة لدى الآخرين».

مخاطر

أشار المفكر المغربي، السفير السابق لدى لبنان الدكتور علي أومليل لـ»الوطن» إلى أن المخاطر المحيطة بالفكر العربي الجديد هي صعود قوة فكرية تخرج من باطن المجتمع تكبل حرية الفكر وتحرير الإنسان، وتستعمل كل الوسائل لقمع الفكر وتلجأ إلى الإرهاب الفكري أولاً ثم إلى الإرهاب المادي ثانيا، كما أن هناك تفاوتا في المجتمعات العربية من الناحية التعليمية حيث هناك التعليم الخاص والتعليم العام، والخاص يضم نخبة القطاع الخاص ونخبة الإدارة المتخصصة العامة وإلى آخره، بينما نرى التعليم الحكومي إما يؤدي في نهاية المطاف إلى وظائف متواضعة أو إلى البطالة وهذا الانشطار الاجتماعي خطره يؤدي إلى حدوث انشطار ثقافي بين فئة أقلية لها ثقافة تؤدي بها إلى النجاح الاجتماعي، فيما في الجانب الآخر فئة ثقافتها تؤدي إلى التهميش الاجتماعي، وبدل أن تكون الثقافة حافزا لربط الشمل وتأصيل الروابط والتضامن والانتماء للوطن ستصبح الثقافة للأسف مجالا للصراع بين فئتين».

سمات

أبان أومليل أن سمات الفكر العربي الجديد هي «فكر الاندماج في قضايا المجتمع الحقيقية والاندماج في عالم اليوم، كما أنه فكر متشبع بالقيم الإنسانية السامية مثل قيم الحرية والعدالة والاجتماعية والمساواة في المواطنة»، مؤكدا أن الفكر العربي الجديد لا يعد أن هويتنا صنعت في الماضي بل هوية قابلة للانخراط في العالم المتقدم والمنافسة في كافة المجالات والإبداع والابتكار، كما أن الثقافة تنتج الأفكار، والمفكر العربي بحاجة إلى نوع من العدالة الثقافية غير المتوفرة الآن لأن هناك انشطارا بين فئتين».

انسلاخ

أوضحت سفيرة مؤسسة الفكر العربي بالكويت المستشارة القانونية آلاء السعيدي لـ»الوطن» أن «الفكر العربي المتجدد يواجه مخاطر حقيقية أولها الانسلاخ من الهوية العربية والاتجاه إلى الحداثة، والتصور أن التطور والرقي في اتباع السلوكيات الغربية، وهذا ما نراه في تدهور اللغة العربية لدى فئة الشباب، واللجوء إلى التحدث بخليط من الكلمات العربية والإنجليزية، حيث يتصوره البعض نوعا من التطور، لكنه فقد للهوية»، مشيرة إلى أن المثقف الحقيقي يؤمن بهويته ولغته كمصدر أساسي للفكر وليس في الهوية الأخرى. وبينت أن من المخاطر المحدقة على الشباب العربي عدم الاعتراف بالهوية والاعتزاز بها، وعدم تطور منهجية الفكر العربي أو عدم قرب النخبة من الفئة الشابة، وهذا يؤدي إلى خطر وجود الفكر العربي خاصة أن المجتمعات العربية مرت بعواصف سياسية غيرت محيط المنطقة، ناهيك عن تسارع وتيرة التطور التكنولوجي ومواكبته، مؤكدة أن الإعلام يسلخ المجتمع من أفكاره الاجتماعية والدينية والهوية الثقافية لأن الإعلام يصنع هوية جديدة قادرة على اختراق المجتمع.

خطاب

أضافت السعيدي أن «الخطاب الديني في المجتمعات العربية لابد أن يواكب العصر أي بمعنى أن الدين جاء لكل زمان ومكان، بينما شيوخ الدين خطابهم مازال نفس الخطاب قبل 50 عاما في زمن يتطور فيه العلم والفكر، والدين قابل للمواكبة، ولا بد أن تكون هناك نهضة لمواكبة أحداث العصر بجانب الخطاب الديني السائد، فما كان يراه البعض مخالفا متشددا قبل أعوام، بات الآن أمر عادياً».

أزمات

قالت السعيدي «الأزمات السياسية في المنطقة العربية خلقت فكرا عربيا جديدا وأصبح الاعتماد على النخبة ليس بشكل كلي كما كان في السابق، بل الشباب أصبح يفرض آراءه وأفكاره ويحجب النخبة، وهذا خطر، فيجب الاستفادة من تجارب الخبرات والنخبة»، مشيرة إلى أن الثورات والمتغيرات في المنطقة العربية جعلتنا نهدم ما هو موجود ونأتي بفكر جديد ربما لا يشبه هويتنا العربية، لذلك أتى مؤتمر «فكر 17» بعنوان «فكر عربي جديد» عبر التركيز على التعليم والاقتصاد وبناء ثقافات سلوكية متطورة بدعم من رئيس مؤسسة الفكر العربي الأمير خالد الفيصل أمير الفكر والثقافة.

كلمة الأمير خالد الفيصل في المؤتمر

عالَمٌ ينتفضُ على الديمقراطية

وعالِمٌ يبحثُ عن أنظمة ابتكاریة

وفوضى «خناقةٌ» عربية

ونظامٌ اقتصاديٌ مادّي

يُنذر بكارثةٍ عالمية

ونحن العرب.. أمم شتّى

تهیمُ وفي نفسها «شيءٌ من حتّى»

لغتها هويّة.. وهويتها لغة

ماضيها مجید

وحاضرها شهید

ومستقبلها عنيد

إنه العصر الرقمي الآلي

كان -يوماً- خياليا

فأصبح عالمياً تنافسيا

نحن العرب.. ولا عجب.!

نعم استُعمرنا

نعم ظُلمنا

نعم فرطنا

ولكنّا لم نستسلم

العقولُ هنا.. والفرصةُ لنا

اقدحوا العقل بالفرصة

والحكمة بالحنكة

واطرحوا:

فكر إنسان عربيٍ جديد


سمات الفكر العربي الجديد

مندمج في قضايا المجتمع الحقيقية

متشبع بالقيم الإنسانية السامية

يطبق قيم الحرية والعدالة والمساواة في المواطنة

هوية قابلة للانخراط في العالم المتقدم

الإيمان بالهوية واللغة كمصدر أساسي للفكر

نهضة الخطاب الديني السائد

الاستفادة من تجارب الخبرات والنخبة

بناء أساسيات جديدة